أن قصائده أثارت عاصفة من الاستياء الشديد في العالم الإسلامي، فهاج الناس لها في بغداد واتهموه بتحامله على الشريعة الإسلامية الغراء وطلبوا من وإلى بغداد، ناظم باشا في عام ١٣٢٦هـ أن يقيله من منصبه، وازدادت نقمة الناس عليه حتى اضطر إلى ملازمة داره. . .
الزهاوي الوطني
لئن عُدَّ احمد شوقي شاعر الإسلام فإن الزهاوي كان، بلا جدال، شاعر العرب. فهو ينزع في شعره نزعة عربية، فيفتخر ببني قومه العرب ويتغنى بذكرهم، ويشيد بمحاسنهم
وهو يدعو إلى نبذ التعصب الديني فهو مدعاة إلى التفرقة، والتفرقة تستتبع الضعف، وهذا العصرُ هو عصرُ القوة، هو عصرُ التنازع على البقاء؛ الضعيفُ فيه مقضيٌّ عليه بالموت
أصلُ العروبةِ قد رسا ... كالطودِ في البلد الحرام
والفرعُ منها في العرا ... قِ ومصرَ يسمو والشآم
بغدادُ منذ تأسستْ ... عُرِفَتْ بعاصمة السلام
عاش النصارى واليهو ... دُ ومسلموها في وئام
في وَحْدَةٍ عربيةٍ ... ليست تُهَدّدُ بانفصام
تبني سعادتها الشعو ... بُ على اتحاد وانضمام
لا خير في شعب يعي ... شُ من التعاسةِ في انقسام
كونوا جميعاً سادةً لنفوسكم ... فالعصرُ هذا سيدُ الأعصارِ
أما تهاونكم فيجرح أمرهُ ... في القبرِ عِزةَ يعرُبٍ ونزارِ
ليس الحياةُ سوى نزاعٍ دائمٍ ... يا للضعيفِ به من الجبار
الفوزُ للجَلَدِ الجريء فؤادُه ... والويلُ كلُ الويلِ للخوَّار
ولقد رافق الزهاوي سير القضية العربية في جميع أدوارها وجاهد في سبيلها جهاد الأبطال البواسل، وكان هذا الجهاد يحذُر العرب من عاقبةِ التهاون والتكاسل، ويبث في نفوسهم روح الجرأةِ والإقدام، ليعيدوا مجد أجدادهم شم الأنوف، أباةِ الضيم: -
والدهر للرجل القوى ... على صلابته ظهيرُ
والدهر يخذل من يني ... والدهر يصفع من يخورُ