قاع النفس وهي ممنوعة عن الظهور، إلا أنها لا تسكن في موطنها الجديد، وإنما تبقى فاعلة متفاعلة في حدود العقل الباطن، حتى إذا سنحت فرصة الظهور خرجت من العقل الباطن إلى العقل الواعي ونفست عن نفسها في هذا الخروج.
لنفرض أن طفلاً مدللاً أرسله أبواه إلى المدرسة فلم يجد فيها ما ألفه في بيته من الحنان، فمثل هذا الطفل إما أن يغير سلوكه الذي اعتاده قبل دخوله المدرسة، أو يبقى مستمراً عليه، فإذ هو لم يختر ما وقع له وظل يريد من الحياة أن تكون مثلما رآه في بيته، مملوءة بالحنو والرقة، ففي هذه البداية ينتهي الوليد إلى اعتبار كل زميل له في الدراسة فظاً غليظ القلب فينفر من الاقتراب منه، ويشعر بالبغض له، ومن ثم يحدث له نفور من كل غريب حتى تعذبه كل تعارف جديد. ود تغيب هذه الرغبة الشاذة في طيات عقله الباطن، ويزيدها تطاول العهد إمعاناً في التواري، إلا أنها تبقى حية عاملة وهي تكون جزءاً من عقل العليل. فالرغبة التي تربط الموضوع في هذا المثال، هي العقدة
إن أكثر من نعرف يحمل في طيات نفسه من العقد النفسية ما يخرج حياة عقله عن السواء ويميل بها إلى جانب من الشذوذ يكتنف شعور صاحبه وإدراكه ويملي إرادته على ما يأتيه من قول وعمل. وقد ثبت في دائرة العلوم النفسية أن أخطر سنوات الطفولة ما يقع بين الثالثة والثامنة من العمر، ففي غضون هذه السنوات يقع أكثر ما يدعي بمشاكل الطفولة.
على أن العقدة في ذاتها لا تعد خطراً على صاحبها إلا إذا كانت متوارية عنه، وهي تعمل من وراء حجاب من الزمن. فإذا حلت العقدة زال ما بصاحبها من مرض يصيب العقل في الصميم
غير أن تحليل العقدة إلى العنصر الذي نشأت عنه، وبعبارة أخرى أن تذكر الحادثة الخاصة التي تنطوي عليها العقيدة ليس مما لا يشق على من يعانيه؛ ذلك لأنه إذا فعل وجد نفسه أمام مانع عنيد هو الزمن، فالعقدة لا تكتفي بالاختفاء وراء ثوبها المستعار وإنما تتوارى فيما وراء وقائع الزمن. وفي أحضان هذا الواقع تقع الصعوبة في تحليل العقدة. ولكن مهما يكن الأمر صعباً فأن طريق الخلوص إليه واضح لمن يريد
لنطلق العنان لما لنا من خواطر وأفكار ومنازع يعج بها العقل الباطن حتى نخرج بها إلى الذاكرة، ومن ثم إلى عقلنا الواعي فنحللها فيه ونرجعها إلى مصادرها الحقيقية، فإننا إن