صغيراً عمره (١٧) سنة ليس من العدل ولا العقل أن تميله عن الدرس وتقسره على العمل. فلم يحفل بقولي ولا بمطلبي. وأخذ يضغط علي ويشد. ويريد أن يخلقني بأخلاقه. وأنا كلما ازداد ضغطه ازداد عنادي وإصراري على رأيي. فأنا ووالدي منذ سبع سنين في نضال وجدال، وشغب وصخب، بسبب هذا المشكل الذي لم يحل حتى يومنا هذا. ولوالدي بمقاومتي في أمر العلم والأدب غير ذلك الضغط فصول مضحكة جداً منها أنه يذهب إلى الجرائد التي تنشر في القدس ويافا فيتضرع إلى أصحابها ألا ينشروا لي شيئاً. ومنها أن وكيل (الأهرام) جاءه سنة يطلب منه قيمة اشتراكه، فدفعها له وقال له اقطعوا الجريدة. فسأله الوكيل لماذا؟ قال لأنكم تنشرون لولدي كل ما يبعث به إليكم. ومنها أن فريقاً ممن ظلم اليراع في سوريا وفلسطين يجد خير طريق لنيل الشهرة أن يطعن في ويسبني. فإذا قرأ والدي ذلك يركض إلي ويقول: أنظر إلى نتيجة العلم والأدب! ما نالنا منه إلا السب والشتم. ومن العجب أن الرجل متعلم متنور مطلع، وهو من الفذاذ في هذا اللواء، وممن يسعون في نشر العلم ويحضون الناس عليه، وينفقون في خدمته ما ينفقون. يريد أن ترتقي أولاد سواه ولا يريد أن يرتقي ولده الوحيد، وجناه في هذا العالم! وإذا لامه بسبب ذلك أحد يقول له إن العلم طريق للمال، فإذا نال المرء المال وجب أن يلهو به عن سواه. وإني كتبت لولدي من القرى والأملاك ما كتبت فيجب أن ينبذ ما هو فيه ويعكف على الشيء المفيد. وقد بينت لوالدي وللناس أن طلب العلم لا يعيقني عن غدارة أشغالي. وإن من يضيف إلى المجد المالي والمجد العلمي والأدبي لن يكون مجنوناً. وإن والدي يجب أن يحمد الله الذي شغلني بهذا ولم يشغلني بعشق الفتاة الفلانية الاسرائيلية أو المسيحية، والانغماس في الشهوات كما شغل سواي من أبناء السراة الأغنياء من عائلتي وغيرها الذين يعرفهم هو واحداً واحداً. كنت مع هذا الرجل في مشكلة واحدة فأبى الشقاء إلا أن يعقبها بأختها. فأراد والدي منذ ثلاث سنين أن يتزوج امرأة أخرى (وهو فوق الستين)، فجاءني وقال لي: ليس لي من ولد سواك، وإني أخاف الحوادث (يعني يخاف أن أفطس) فأريد أن أتزوج. فقلت له: تزوج أربعين امرأة. فهذا مما يسرني. لكن ارفع ضغطك وشدتك عني. فقد كدت تقتلني. فلما تزوج أكبرت أمي عمله، وأبت أن تسكن معه. فغادرت إكراماً لها دار أبي واستأجرت بيتاً حقيراً أو كوخاً. وسكناه معاً. فأسخط هذا العمل أبي، وأجبرني على أن