للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مقدسة عند المسلمين مصدقة عند عامتهم وخاصتهم لا يقبلون فيها جدلا ولا يرغبون في غيرها بديلا.

يأخذ البعض على الصورة التي رسمها القرآن للجنة والنار، تغلب الحسية والمادية ويقولون إن هذه الحسية قد أفقدت هذه الصور بهجتها وحدت من خيال السامع لأوصافها. ولكن فات هؤلاء أن الصور التي رسمها القرآن ليست حسية مادية - كما يقولون - ولكن القرآن روحاني سماوي فقد أقل جدا من إسناد الماديات والحسيات إلى ما صوره من صور وأن كل ما جاء فيه خاصا بهذه الصور وخاصة الجنة والنار إنما هو إيحاء وتلميح.

لكن العيب على هذا كله يقع على الشراح والمفسرين الذين قاموا بتفسير ما جاء في الكتاب المبين , فهم الذين لم يتركوا متعة شهوية ولا لذة حسية إلا حاولوا أن يلحقوها بالجنة ظنا منهم أن هذا يجذب الناس إلى الأعمال الصالحة التي تؤدي إليها. كما لم يتركوا عذابا بدنيا ولا ألما حسيا إلا حاولوا إسناده إلى النار ظنا منهم أن هذا هو أشد رادع عن إتيان المنكرات.

إن القرآن جعل أكبر متع الجنة روحانية إذ قال: (وسيق الذين أتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) فأي شيء أحب إلى نفس الإنسان من الأمن والسلام، إنهما في نظر كل عاقل غاية ما يتمنى وأقصى ما يسعى إليه، ثم يقول في مكان آخر (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) فأي رذيلة وأي عمل أشد خبثا من الغل والحسد اللذين هما مصدر المصائب والمحن والآفات والنقم. إنهما أساس ما يصيب العالم من الكوارث والمهلكات والحروب الطاحنة فإذا نزع ما في الصدور من الغل والحسد، صارت الحياة أهنأ وألذ كأنما هي الجنة التي أرادها الله بل إن الجنة لا تفضلها في شيء.

إن السلام والأمن والتصافي كل هذه الأشياء حفل بها هذا الكتاب الذي جاء من لدن حكيم خبير.

عبد الموجود عبد الحافظ

<<  <  ج:
ص:  >  >>