للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإغريق والرومان كانوا يعتقدون أنه الإله الثالث عشر لأسرة الأولميب، وتروى عنه أحاديث اليهودأنه كان خادما ليهوه المبشر بالمسيح، وصاحب عرش سليمان، والمسلمون يرون فيه بطلا وفقه الله ليحق الحق ويمحق الضلال، وفي بعض كنائس المسيحيين كانوا يعتقدون أنه واحد من قديسيهم متجاهلين بذلك السبق التاريخي.

وينتقل بنا المؤلف إلى صبا الاسكندر، ويوضح لنا كيف كان في صباه فارسا مشغوفا بالركوب والرياضة، مليئا بالثقة بنفسه، كثير النقد لكبار رجال الدولة، يطعن في تصرفاتهم، ويثبت اخطاءهم، وهي صفات يقول عنها رجال التربية اليوم إنها من صفات النجباء المبرزين.

ويوضح لنا المؤلف ناحية دقيقة من حياة الاسكندر وأبيه، والمجتمع الذي نشأ فيه، فيقول: (ويلحظ الأب على ابنه الصبي إمارات الأنوثة) - لا يخطئها الناظر إلى تمثال الاسكندر الشاب المحفوظ بالمتحف البريطاني - (فهو مليح المحبا، وضاح الجبن، تجري في وجهه الأبيض حمرة خفيفة رائعة كالتي يراها المرء على وجوه فتيات الإغريق) أعتاد أن يميل برأسه بلطف ورقة له عينان ناعستان جذابتان، يحب أشعار هوميروس حتى أطلقوا عليه (عاشق هوميروس). . . يهوى الموسيقى ويلعب بأنامله الرقيقة على أوتار القيثارة فيخرج بها أنغاما لينة ناعمة.

كان كل هذا مما يقض مضجع الأب، فقد كان أشد ما يخشاه أن يمس ابنه واحد من غلمان مقدونيا ممن يتسرى بهم رجال الدولة، ولو أنه هو نفسه كان أحد هؤلاء الرجال. ففكر ودبر، وهداه طول التفكير والتدبير إلى أن يدفع به إلى أيدي أرسطو ليؤدبه ويعلمه الفلسفة والحكمة والعلوم المعاشية.

ويصاحبنا المؤلف إلى جلسات التلميذ من أستاذه الفيلسوف ويبين لنا جانبا من تعاليم أرسطو للاسكندر، وكيف هضم الاسكندر هذه التعاليم وتشبث بها واستخدمها وصار يفضي بها للناس كلما حانت ساعة الإفاضة.

وفي سنة ٣٣٥ق م كان الاسكندر قد بلغ الحادية والعشرين من عمره، وكان قد خلص من توحيد ممالك شبه الجزيرة تحت التاج المقدوني، وكان قد فرغ من حشد حملته التاريخية التي خلدت اسمه، وانطلق بها بغزو إمبراطورية الفرس في شرق الأرض.

<<  <  ج:
ص:  >  >>