فإن كان الطفل أصم فهو لا يسمع، ومن ثم لا يقلد، أو بطريق آخر يصعب عليه أن يتعلم الحديث فنطلق عليه لقب أخرس؛ ولكن البلاد التي تعنى بتوفير الرفاهية لأكبر عدد ممكن من شعبها تسعى لتذليل هذه العقبة، ومن ثم ظهرت في أمريكا مدارس لتعليم الأطفال قراءة الشفاه، فإذا لعبت شفتاك أمام عيونهم عرفوا ما تقول وأجابوك فلا تكاد تحس بأنهم صم.
ورسم الكلمات أيضاً شيء اصطلاحي تواضع عليه أبناء اللغة الواحدة، فالعربي يرسم الفتحة الطويلة شرطة عمودية نعبر عنها بالألف، ويختلف عنه الإنجليزي أو الصيني وإن كان الجميع يتفقون تقريباً في نطقها. والطبيعة لا تعرف ما تواضع عليه الناس ولها كتابتها الخاصة التي تصور بها مخارج الألفاظ ورسم الحروف.
وكانت كتابة الطبيعة للألفاظ معروفة. ولكنها كانت كثيرة التفاصيل يعز على الناس التفريق بينها وفهمها فهماً دقيقاً حتى تيسر أخيراً تبسيطها باستخدام مرشحات تبرز المقاطع الواضحة، فمن سياق المعنى تعرف ما أقصد بكلمة (كتب) إن كانت كتب أم كتب إلى غير ذلك من الألفاظ.
ولهذا التبسيط ميزته إذ هو يزيل اختلاف اللهجات، فأجريت تجربة على ستة أفراد - ثلاثة رجال وثلاث سيدات - ولكل منهم لهجة تخالف لهجة الآخرين ونطق كل منهم بكلمة واحدة فكان شكل الموجة الصوتية واحداً في الحالات الست برغم اختلافهم في نطقها وحدتها ووضوح النبرات أو اندماجها.
وتكتب الطبيعة المخارج الصوتية بطريقة تخالف الطرق الإنسانية وتبذها في التعقيد، فبعض الألفاظ تظهر كثلاثة خطوط أفقية في أعلى اللوحة وخط في أسفلها وبعضها يبدو كالقارب أو مثل الثعبان مما يتطلب مراناً لا يقل عن المران الذي يتطلبه تعليم وسائلنا في كتابة اللغات البشرية.
وقد قدر تعليم الصم قراءة الكتابة الصوتية بقدرتهم على تعليم لغة حركات الشفاه، فوجد أن الأولى أصعب ولكن مواصلة المران لبعض أفراد فريق التجارب الأول أن يتلقى الإشارات التليفونية كأي إنسان عادي.
ومنذ فترة قصيرة أجريت تجربة هذا الجهاز أمام فريق من رجال الصحافة وكان المتحدثان رجل اسمه بلوم وامرأة اسمها جرين ولدا اصمين، خاطبته السيدة بقولها: (أهلا وسهلا