وقال صلى الله عليه وسلم: بدا الإسلام غريبا، وسيعود غريباً كما بدا. . . فلابد والله أعلم بحكم هذا الوعد الصادق من أن يرجع الإسلام إلى واحد كما بدأ من واحد، ويضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى إذا قام به قائم مع احتواشه بالمخاوف وباع نفسه من الله تعالى في الدعاء إليه كان له من الأجر أضعاف ما كان لمن كان متمكنا منه معاناَ عليه بكثرة الدعاة إلى الله تعالى، وذلك قوله: لأنكم تجدون على الخير أعواناّ وهم لا يجدون عليه أعوانا حتى ينقطع ذلك انقطاعاً باتا لضعف اليقين وقلة الدين، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله. . يروى بفتح الهاء ورفعها، ورفع على معنى لا يبقى موحد يذكر الله عز وجل، والنصب على معنى لا يبقى آمر بمعروف ولا ناه عن منكر يقول أخاف الله، وحينئذ يتمنى العاقل الموت كما قال صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني كنت مكانه. . . .
(وأما بعد)، فهذا هو تاريخ القاضي أبي بكر بن العربي، سردناه لك في أخصر قول وأجزأ اختصار؛ وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق. ومن هذه الترجمة تتبين منزلة هذا الإمام والمكان الذي يشغله بين علماء الإسلام، وأنه كان إلى فقهه في الدين كأكثر السلف الصالح أديبا كاتبا شاعراً فصيحا كثير الملح مليح المجلس وهكذا كان أكثر علماء الأندلس
وقد كانت وفاة هذا الإمام سنة ٥٤٣. وقال القاضي عياض: وتوفي منصرفه من مراكش من الوجهة التي توجه فيها مع أهل بلده إلى الحضرة بعد دخول الموحدين مدينة أشبيلية، فحبسوا بمراكش نحو عام ثم سرحوا، فأدركته منيته ودفن بفاس وقبره هنالك مقصود رحمة الله عليه.