للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كانوا من جبابرة العقول في القرن التاسع عشر بإنكلترا.

ولد في ٢٦ يوليه سنة ١٨٩٤، وكان الابن الثالث لليونارد هكسلي وجوليا آرنولد. أما أبوه، الذي ولد سنة ١٨٦٠، فكان ابن توماس هنري هكسلي العلم الذي بذل أعظم الجهد في تقريب مذهب داروين من عقول عامة الشعب. وأما أمه فكانت ابنة أخ ماثيو آرنولد، مؤلف (رستم وسهراب) وغيرها من القصائد الكثيرة، ومؤلف (الثقافة والفوضوية) وغيره من كتب الأدب النقدي الرائع. وكانت أيضا حفيدة توماس آرنولد القسيس والناظر المشهور لمدرس ركبي الذي أدخل إصلاحات كثيرة على نظام المدارس العامة الإنكليزية.

كانت البيئة التي نشأ فيها ألدوس هكسلي بيئة تهذيب وثقافة كما كان أجداده رجال تهذيب وثقافة. عين أبوه أستاذا مساعدا لليونانية في جامعة سنت أندروز ولما يتجاوز عمره الثالثة والعشرين ثم صار رئيسا لتحرير مجلة وهي من أبرز المجلات الإنكليزية. وقد احتفظ بهذا المنصب سنوات كثيرات، كما عين مستشارا أدبيا لشركة الطبع والنشر سميت والدر. وفي سنة ١٨٧٢ تزوجت خالته ماري , غاستا آرنولد بالناقد والمحرر توماس همفري وارد، وكانت من أبرز كاتبات الروايات في عصرها. وروايتها (روبرت الزمير التي نشرت في سنة ١٨٨٨، قد نالت الشهرة في كل أنحاء أوربا وأميركا.

وفي قصة (التاريخ الهزلي لرتشارد جرينو)، وهي من القصص الأولى لألدوس هكسلي، إشارة إلى تلك الرواية المشهورة التي كتبتها خالته، إذ يصف البطل بأنه (قد قرأ المجلدات الثلاثة لرواية روبرت إلزمير وابتلعها ابتلاعا وهو بعد في الثامنة من عمره). فقد استمرت المسز همفري وارد تكتب سنوات كثيرات، وظهرت روايتها الأخيرة في سنة ١٩٢٠، وهي السنة التي توفيت فيها. وكان زوجها الناقد هو الذي خول ألدوس هكسلي فرصة نشر مقالاته النقدية الأولى، إذ طبعت في مجموعة منتخبات شعرية إنكليزية نشرها ت. هـ. وارد في سنة ١٩١٨.

هكذا ورث ألدوس هكسلي العلم عن أسرة والده والأدب عن أسرة والدته، فليس عجيبا أن يصير أديباً، ولا أن تتجلى الروح العلمية في أدبه بصور شتى. بل إنه حين كان صبيا أراد أن يتخذ العلم مهنته، مثل أخيه الأكبر جوليان، العالم البيولوجي العظيم. ولكن عينيه أصيبتا بمرض حال بينه وبين عمله العلمي ثلاث سنوات. وتلك السنوات الثلاثة أكسبته

<<  <  ج:
ص:  >  >>