هذه النظرة المستقلة إلى الحياة التي تلاحظ في الكثير من كتاباته.
تعلم ألدوس هكسلي في إيتون، ثم ذهب كأبيه إلى كلية باليول بأكسفورد. وقد أحب كلا المعهدين. فهو يقول (إن ذهني من النوع الذي يحب التدريب المدرسي ويقبله قبولا تاما. فأنا ثقافي بولادتي، ذم ميل إلى الأفكار وصدوف عن النشاط العملي، ولذلك شعرت بالراحة والاطمئنان في الظلال المدرسية) وقد أحب أكسفورد حبا خاصا إذ تركت له هناك حريته الكاملة في أن يعمل كما يشاء، وكان معنى ذلك أنه أقبل على قراءة كل شيء، وفضل ذلك على مجرد تدوين الملاحظات أثناء سماع المحاضرات. فهو يقول (أما أنا فأني لم أستمع قط إلى أكثر من محاضرتين في الأسبوع).
أما في البيت فقد نشأ على حب شعر وردزورث وفلسفته، وآراء رسكن في الجمال والفن. يقول ألدوس:(لما تقوضت أركان الكثير من العقائد الدينية المتزمتة، صار الكثير من الأسرات الذكية ذات الفكر المتسامح يعتبر شعر وردزورث إنجيل ذلك النوع من الحلولية، ذلك الاعتقاد المبهم بوجود عالم روحي، الذي ملأ - إلى حد غير كاف - الفراغ الذي كانت تشغله العقائد القديمة. وحين كنا أطفالا ربينا على التقليد الوردزورثي، وغرس في قلوبنا الاعتقاد بان جولة بين التلال يوم الأحد تعادل بكيفية ما الذهاب إلى الكنيسة).
ومن قصتي هكسلي الأوليين، المليئتين بالتهكم والهزل، سنة ١٩٢٠، سنة ١٩٢٢، ومن روايته الأولى سنة ١٩٢١، يتبين رد فعل الذي قابل به جو الوقار الأخلاقي الرفيع الذي فيه نشأ. ففي شبابه كان بطبيعته الذهنية حذرا، متشككا، غير ميال إلى الغلو الأخلاقي، ولكنه تحت ظاهره المتهكم الساخر قد احتفظ دائما بعنصر جاد لا يقل وقارا ورصانة عن ماثيو آرنولد نفسه. وقد أخبرني مرة قائلا:(في قصصي المبكرة كنت أيضاً أرد على الناحية المتزمتة المتفيهقة من نفسي).
وكانت أهم المؤثرات في تطور أسلوبه المبكر كتابات الأدباء الفرنسيين في آخر القرن التاسع عشر وأول القرن العشرين، وخاصة رمبو، ولافورج، وأناتول فرانس، وقد أخبرني في سنة ١٩٥٣ قائلا:(أظن أن لافورج ذو شأن للمراهق، ولكني حين قرأته من وقت قريب لم أشعر له بإعجاب زائد. وأناتول فرانس. . . لقد كنت في وقت ما أظن أن تهكمه هو قمة الذكاء والبراعة). وقد مال أيضا إلى كتابات ريمي دي جومون، وخاصة بسبب