للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فدعاه إليه وسأله عن حاجته فقصّ عليه قصة نذْره والحياء يعقد لسانه، فقال له القاضي:

(على المستحق سقطت. . . ولكن يا بني نحن لا نستحل أخذ أموال الناس بلا سبب شرعي. والوجه الشرعي الذي يحل لنا به أخذ هذا النذر منك هو أن نقلبه إلى مبايعة. . .)

فانتفض الرجل وقال: أستجير بك يا مولاي. إني أخشى إن أخذت منك لقاء النذر شيئاً ألا يتقبل الله نذري، فقال القاضي: (نحن لا نبيعك شيئاً مذكوراً بل هي صورة نحلل بها أخذ المال منك. . . هاك في جانب الباب كوْمة من الزبل هل اشتريتها مني بالألف الذي نذرته؟) فقال الرجل:

سمعاً وطاعة. وتم التعاقد بالوجه الشرعي. . . وقبض القاضي الألف وذهب الرجل إلى قريته فرحاً مطمناً

وبعد يومين أفاق المسكين على صوت طارق يوالي قرع الباب ويستفتح، فإذا جندي يبادره بالشتم ويقول: (أيها الرجل المخادع الماكر الخبيث الشرير! أتشتري المزبلة من مولانا القاضي وتتركها في مكانها فتصبح مجمعاً للذباب ومبعثاً لكريه الروائح. . .؟ لقد حكم عليك مولانا القاضي بنقل المزبلة وبغرامة مقدارها ألف قرش جزاء تركك إياها بعد شرائها وبأن يصادر بغلك لقاء الغرامة. . .)

قال الجندي قوله هذا ودخل الدار فاقتاد البغل من مربطه وسار به إلى المدينة. فوجم الفلاح المسكين وجوم من خولط في عقله وما زال يشيع بغله بعينين دامعتين حتى توارى عن بصره ثم رجع وهو يدمدم قائلاً:

- حقاً إن حرامية الفيء هم شر البرية؛ وقد أصاب نذري أعظمهم شراً

(طرابلس)

نديم الجسر

<<  <  ج:
ص:  >  >>