فيا دمعُ أنت اليوم كالقلب نابضٌ ... ويا قلب أنت اليوم كالدمع ذائب
لقد ندبته نسوةٌ حول نعشه ... وأَشْجِ بما كانت تقول النوادب
إذا انطفأ النجمُ الذي كان ساطعاً ... فليس ببدعٍ أن تسود الغياهب
- ٤ -
أمحمودُ كنتَ الراجحَ العقل والخلق ... من الباطل الخدّاع تفزع للحق
وكنتَ كنجم لا قرار لسيره ... فتطلع من أفق وتغرب في أفق
وكان لموتٍ قد أصابك سهمُه ... دوىٌّ بغرب الأرضِ أجمعَ والشرق
ولا رُزَء إلاّ كان رتقٌ لشقه ... وليس لشقٍ يفتق الموت من رتق
مضى بصديقي الحرِّ يستعجل الردى ... فليت الردى للحر قد كان يستبقي
بكتك عيون العارفيك بأدمع ... تفيض وللأرض التي ظمئت تسقي
تجنبتَ ضوضاَء السياسة آخذاً ... بأيديك أسبابَ التجارة في حذق
- ٥ -
حياةٌ ومن بعد الحياة. مماتُ ... وجمعٌ على الأعقاب منه شتات
وهل تغسل القلبَ الحزين من الأسى ... إذا العين منها انصبّت العبرات
وإن أثقلت نفسَ الوفيّ فجيعةٌ ... فلا النورُ يُسليها ولا الظلمات
أقول لقومي إن يكن عندكم لمن ... تَفَجَّعَ سلوى في المصاب فهاتوا
وما أجَملَ الأيامَ إمّا لنا وفت ... ولكنما الأيامُ منتقلات
لقد حملوا نعشَ الفقيد لقبره ... فساروا وسارت خلقَه السروات
فما كنت من تلك الجماهير سامعاً ... سوى صرخات بينَها شهقات
- ٦ -
على الأرض أمجادٌ كثير قصورُها ... وأكثر منها في العراء قبورها
وما من بقاع ليس يهلك أهلُها ... ولا من سماءٍ ليس تردى نسورها
وما خيرُ دنيا بالزلازل أرضُها ... تميد وبالأمواج تغلي بحورها
إن الجسمُ أودى فالبوارُ نصيبُه ... ولكنما الأرواح ماذا مصيرها