وقد ذكر الكميت أبا بكر وعمر رضى الله عنهما في بعض هاشمياته فتحرج في أمرهما بعض التحرج، وقال في ذلك:
أهوى عليا أمير المؤمنين ولا ... ألوم أبا بكر ولا عمرا
ولا أقول وإن لم يعطيا فدكا ... بنت النبي ولا ميراثه كفرا
الله يعلم ماذا يأتيان به ... يوم القيامة من عذر إذا اعتذرا
وكانت فدك قد بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهلها سنة سبع من الهجرة يدعوهم إلى الإسلام، فصالحوه على نصف الأرض، فقبل منها ذلك وصار نصفها خالصا له، لأنه لم يوجف على ذلك بخيل ولا ركاب، فكان ينفق ما يأتيه منها على أبناء السبيل، وفعل ذلك الخلفاء الراشدون بعده، فلما ولى معاوية أقطعها مروان بن الحكم فوهبها مروان لبنيه، ولما ولى عمر بن عبد العزيز ردها إلى ما كانت عليه في عهد رسول الله والخلفاء الراشدين، فوليها أولاد فاطمة رضى الله عنها، ثم أخذت منهم بعده، ثم ردها المأمون إليهم سنة عشرين ومائتين، وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم تصدق بها على فاطمة رضى الله عنها
وأما منع أبا بكر وعمر وفاطمة ميراثها فقد اعتمد فيه أبو بكر على ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم (نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة) برفع صدقة على أنه خبر المبتدأ قبله، والشيعة يروونه بالنصب على أنه حال لا خبر، وتقدير الكلام على هذا - لا نورث ما تركناه حال كونه صدقة - ويفهم من هذا أنهم يورثون غيره
وقال الكميت في ذلك أيضاً:
نفى عن عينك الأرق الهجوعا ... وهمٌّ يمتري منها الدموعا
دخيل في الفؤاد يهيج سقما ... وحزناً كان من جذل منوعا
لفقدان الخضارم من قريش ... وخير الشافعين معاً شفعيا
لدى الرحمن يصدع بالمثاني ... وكان له أبو حسن قريعا
حطوطاً في مسرته ومولى ... إلى مرضاة خالقه سريعا
وأصفاه النبي على اختيار ... بما أعيا الرفوض له المذيعا