ويوم الدوح دوح غدير خم ... أبان له الولاية لو أطيعا
ولكن الرجال تبايعوها ... فلم أر مثلها خطراً مبيعا
فلم أبلغ بها لعناً ولكن ... أساء بذاك أولهم صنيعا
فصار بذاك أقربهم لعدل ... إلى جور وأحفظهم مضيعا
أضاعوا أمر قائدهم فضلوا ... وأقومهم لدى الحدثان ريعا
تناسوا حقه وبغوا عليه ... بلا ترة وكان لهم قريعا
فهو في هذا أيضا يأخذ عليهم ما فعلوه في الخلافة مع علي رضى الله عنه، ولكنه لا يصل في أمره إلى لعنهم، ولا يغمط ما كان لهم من العدل في الحكم كل الغمط، وإن كان يرى أنهم أساءوا في ذلك وضلوا عن الحق، وهذا غاية ما كان يمكن أن يقوله الكميت فيهم لترضى تشيعه، ويلائم بين شعره وعقيدته. وغدير خم موضع بين مكة والمدينة قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضى الله عنه (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله) وقال أيضا (من كنت مولاه فعلي مولاه) فقال عمر رضى الله عنه: طوبى لك يا علي، أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة
هذا ولا يزال المسلمون يتنازعون في كتب الكلام على هذا المنوال الذي لا يفيد شيئا في هذا العصر، وقد خرج الأمر من أيدي بني هاشم وقريش جميعا، ولا معنى لهذا النزاع بعد مضي تلك الأزمنة التي كان له معنى فيها، ولكنه الجمود على تلك الكتب هو الذي يجعلنا نعكف عليها، وإن كانت تزرع بين المسلمين حقد بعضهم على بعض، وتفرقهم أحزابا وشيعا في وقت هم أحوج فيه إلى الاتحاد والتحاب، ولعل الله يرزق المسلمين من المصلحين من يجمع كلمتهم بعد افتراقها، ويربي فيهم خلق الإنصاف والتسامح، حتى تصفو بينهم هذه الحياة، ويسود بينهم الإخلاص والمودة، ولا يحملون من اختلافهم في الرأي سببا في الانقسام والتفرق، لأن هذا الخلاف لا بد منه، وهو إذا خلا من ذلك الغلو توسعة ورحمة