ذلك إلى أعمالهم فترين فيها ما قد يتناقض مع أقوالهم. . .
- أو لا يستطيعون أن يصلحوا من أنفسهم؟
- يستطيعون. . . فالله لا يمنع الرقي عمن أراد، وقد علمنا في القرآن وفي الإنجيل وفي التوراة أن نناديه وأن نطلب منه الهداية إلى الطريق المستقيم، وليس هذا الذي علمنا إياه عبثاً، وهو لم يقل لنا:(أدعوني أستجب لكم)، وفي نفسه ألا يستجيب. . . إنما هو الرحمن يريد أن يستجيب، ويطلب منا أن ندعوه ليستجيب. . . ففي يد كل إنسان إذن أن يطلب من الله ما يريد على أن يكون الذي يريده شيئاً مما يعطيه الله الذي هو الحق والذي هو الرحمن والذي هو العادل، والذي هو الهادي. . . فالهداية إذن بابها مفتوح. . . إنما علينا أن نطلبها. . .
- علمني كيف أطلبها لعل الله يهديني فأكون من أولياء الله الصالحين. . .
- أظن ذلك يكون بأن تعدي لها نفسك أولاً. . . أنت تريدين أن تهتدي للحق، فمهدي نفسك للحق. . . ثم اعرفي الحق ثم ابذريه في نفسك، ثم تعهديه بالحفظ والصون، ثم غذيه واسقيه حقاً وحقاً. . . عندئذ لا بد أن يثمر الحق في نفسه حقاً هو أزهى الحق وأزكى الحق. . . وسترين نفسك بعد ذلك، وتقولين الحق كما يفعل الفنانون، ثم إذا رضي الله عنك رأيت نفسك تفعلين الحق بيدك كما يفعله أولياء الله الصالحون رضي الله عنهم. . . أظن أن هذا هو الطريق. . . بل إنه الطريق
- فلماذا لا يمضي الفنانون في طريقهم هذا إلى نهايته؟ ما دام يستطيعون؟
- لعل إعجابهم ببراعتهم في إيمانهم يستهويهم.
- هذا الإيمان الشفوي الذي لا غناء فيه، والذي لعنهم القرآن من أجله. . .
- ليس إيمان الفنانون شفوياً يا هذا، وإن القرآن لم يلعنهم يا تلك. . . بل إن القرآن وصفهم بأنهم يقولون ما لا يفعلون وهذا حق لأنهم هكذا، وقال عنهم القرآن إنهم يتبعهم الغاوون وهم الذين يستهويهم كلام الشعراء وفنون غيرهم من الفنانين، ويهيمون ورائهم في دنيا كلها خيال تريد الكمال ولكنها لا تطلب الكمال إلا بالكلام، بينما الكلام لا يحقق هذا الكمال، وإنما تحققه الأفعال. . . فالفنانون هم حقاً لا ينتجون إصلاحاً. . . ولكن دعوتهم إلى الإصلاح والكمال لا بد أن تصادف مؤمناً ممن يستطيعون أن يفعلوا بأيديهم فيحقق بهذا