للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقيس شحنة الإلكترون، هذه التجارب التي فصل فيها هذا العالم جسيماً حاملاً إلكتروناً حراً واحداً، وقد وضعنا جهاز مليكان وشكله في مقال سابق، ويتكون من بخاخة تنشر رذاذاً رفيعاً من الزيت في غرفة عليا يسقط فيها هذا الرذاذ ويمر بعد سقوطه في غرفة سفلي فضاؤه صغير يبلغ ارتفاعه ١٥ ملليمتراً وواقع بين كفتي مكثف كهربائي. هذا الرذاذ مكهرب بسبب احتكاك جسيماته بعضها ببعض بحيث أن كل جسيم منه يحمل فريقاً من الشحنات الكهربائية بعضها سالب وبعضها موجب، ويمكن كهربة هذه الجسيمات بتسليط أشعة راديومية عليها تخترق الغرفة التي تحويها فتكسب هذه الجسيمات شحنات كهربائية، وترى هذه الجسيمات الميكرسكوبية بتسليط حزمة ضوئية عليها بشرط أن نراها في اتجاه عمودي على مسار الحزمة، عندئذ تبدوا كالكواكب اللامعة في فضاء الغرفة الصغيرة

ولا يجوز أن يختلط الأمر على القارئ فيظن أن هذه الجسيمات المتناهية في الصغر هي الإلكترونات التي نتحدث عنها ويعتقد بهذا أن مليكان رأى الإلكترون، والواقع أن هذه الجسيمات مهما صغرت كبيرة بنسبة الإلكترون، فهي عليها كالإنسان على الأرض أو كمخلوق على كوكب المريخ - إننا نستطيع في الليل أن نرى المريخ ينتقل في أبراجه السماوية ونتحقق بالمنظار من دورانه حول نفسه، ودورانه حول الشمس، ونرى ما يحيط به من سحب وما يعلوه من جبال ويكتنفه من هضاب ووديان، ولكننا لا نستطيع بما أوتينا اليوم من علم أن نرى رأى العين ما قد يعيش من حيوان أو نبات - كذلك الحال في تجارب مليكان. رأى جسيماً يحمل إلكتروناً أو بضعة إلكترونات أو عدداً عديداً منها، وكان على ثقة في كل حالة من وجود الإلكترونات على هذا الجسيم المضيء السابح في جو الغرفة الصغيرة كما يسبح المريخ حول الشمس وكما تسبح هذه في المجرة وكما تسبح المجرة في الكون المحدود، ولكنه لم يرى الإلكترونات بذاتها

على أني أزيد القارئ شرحاً: لو أننا استطعنا يوماً أن نتحقق من وجود مخلوقات في المريخ فلا يتحتم أن نرى هذه المخلوقات لنعرف عددها، ثمة وسائل أخرى يصح أن نجيل فيها النظر فإنه يكفي أن تتبادل هذه المخلوقات معنا رسائل مفهومة يستطيع هؤلاء فيها أن يوافونا بإحصاء عن عددهم، عند ذلك نقول: إن المريخ يسكنه كذا من المخلوقات الأذكياء دون أن نكون في حاجة لنرى أياً منهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>