للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

معين.

وقد عرفنا الآن أن سياسة توازن القوى ما زالت باقية في ميدان السياسة الدولية وأنها ما زالت تنفث سمها القاتل في نواحي المعمورة مما يجعلنا نخش على هيئة الأمم من سريانه فيها فلا يتركها إلا جثة هامدة. . وبذلك تذهب كما ذهبت عصبة الأمم من قبل دليلا صارخاً على غباء البشرية وتأخرها في فهم المعاني الإنسانية إن سياسة توازن القوى هي سياسة الأقوياء من الدول وليس من الإنصاف أن تلقي وزر الكارثة كلها على عاتق هذه الدول بل إن للدول الصغيرة أيضاً نصيبها في ذلك وهو ما نسميه: سياسة التهاون أو عدم الاكتراث - وهو العامل الثاني الذي أشرنا إليه في بدء الحديث.

إن كل دولة عضو في هيئة الأمم لابد أن تحترم الميثاق وإن وجودها كعضو شاهد عليها بوجوب الرضوخ التام لأحكامها. ولكن الشواهد تدل كلها على عكس ذلك تماماً.

ففي الشكوى التي تقدمت بها حكومة الهند إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تتهم فيها حكومة جنوب أفريقيا بمعاملة الرعايا الهنود معاملة تقوم على التفريق بين الأجناس وحرمانهم من التمتع بالحقوق المدنية والعامة. . دافع المرشال سمطس هذه التهمة عن حكومته بأن المسألة المعروضة تدخل في الاختصاص الداخلي لكل دولة، ومن ثَم فلا اختصاص للجمعية العامة في هذا الشأن وفقاً للمادة الثانية في فقرتها السابعة وبذلك غلب الناحية القانونية على الناحية السياسة وطلب إحالة الأمر للفصل فيه إلى محكمة العدل الدولية. . غير أن وجهة نظره لم تقبل داخل الجمعية. ذلك أن مندوبي الدول قد غلبوا الناحية السياسية على الناحية القانونية وأصدروا توصية لرفع القيود ومعاملة الهنود معاملة لا تقوم على التفريق. ولكن هل فقدت هذه التوصية؟

إن من المؤسف حقاً أن يكون المارشال سمطس هو الذي كتب بيده ديباجة الميثاق التي تعتز بكرامة الأفراد وأقدارهم وبالحقوق المتساوية للرجال والنساء على السواء. . ثم يكون هو أول الهادمين لها!.

ولكن أسفنا يبلغ أوجه حين نعلم أن توصية الجمعية العامة لم تنفذ هي أيضاً! وليس لهذا الأمر الخطير من سبب سوى التهاون وعدم الاكتراث بالميثاق والهيئة معاً.

على أن مسألة الشقيقة إندونيسيا مثلا واضحاً لهذا الهوان الذي يلاحق الميثاق. وقد أصدر

<<  <  ج:
ص:  >  >>