للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في كتاب من الكتب القيمة لكاتب من كتاب الشرق الأفذاذ ذوي اليد الطولى على العلم والأدب وقعت رواية أبيات في مناسبة من المناسبات، ولكنها فسرت على غير ما تعارفناه وتناقلناه في معناها. وعلى غير ما تدل عليه عوامل القصيدة التي قيلت من أجلها الأبيات لحسان بن ثابت يهجو بها أبا سفيان بن الحارث ابن عبد المطلب. وذلك أنه كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وعبد الله بن الزبعري وعمرو بن العاص، وكان ينافح عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الأنصار: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة

وهي من قصيدة حسان الهمزية التي يمدح فيها قومه ويذكر نصرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويرد على أبا سفيان بن الحارث، أحد أولئك الشعراء الهجائين له كما بين ذلك في موضوعه من كتب السير وشروح الديوان. ومطلع القصيدة:

عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء

وأما الأبيات فهاكها:

ألا أبلغ أبا سفيان عني ... فأنت محوف نخب هواء

هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء

أتهجوه ولست له بكفء ... فشركما لخيركما الفداء

ولعل في قول الشاعر هجوت محمداً وقوله أتهجوه ولست له بكفء ما يوجه إلى ذلك التفسير الذي قلنا به، فإن الذي قد درج من معنى الهجاء هو ما يكون من نوع الشعر.

ولم يكن أبو سفيان بن حرب ممن عرفوا بنصب أنفسهم لذلك، وإنما الذي عرف له هذا الوصف هو أبو سفيان بن الحارث وإن كان كل منهما إذ ذاك عدواً شديد العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم.

فإن كان لدى سيدي الكاتب الأديب نبأ أصح مما نعلم فليتفضل وليفدنا فكلنا كارع من حياضه قاطف من أزهاره.

وإن يكن ذلك شيئاً سبق به القلم فهو كبوة الجواد. ويحضرني في هذه المناسبة ما وقع للإمام الجاحظ في تفسير كلمة (اللحن) وقد وقعت في أبيات لمالك بن أسام بن خارجة الفزاري من شعراء الدولة الأموية منها البيتان.

<<  <  ج:
ص:  >  >>