للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

للطب الإسلامي والأطباء المسلمين ديناً عظيما.

والذين يقصرون فضل حفظ التراث العلمي القديم على العرب فحسب مبالغون في قولهم هذا كذلك؛ فهؤلاء يقولون أنه لولا المسلمون لانقطعت الصلة تماما بين النهضة الأوروبية والعلوم اليونانية القديمة. وليس ما يقولونه كل الحق فان قسطاً عظيما من الكتب العلمية اليونانية كان موجوداً في أديرة المسيحية، وقد درسها وبحث فيها عدد من رجال العلم وحفظوا للعالم علوم اليونان وطرائق بحثهم ودراستهم العلمية.

وأهمية الطب الإسلامي تقتصر على أنه كان طوال قرون عديدة أي منذ انحطاط الحضارة والعلوم عند اليونان إلى زمن النهضة الأوربية أهم مصادر علوم اليونان وأصدقها. ولا يفتنا أن نذكر هنا أن الطب الإسلامي كسائر العلوم التي انتشرت بين المسلمين - وإن كان معظمه مأخوذاً عن مؤلفات اليونان وكتبهم فان قسطأص منه مأخوذ ولا شك عن مصادر إيرانية وهندية وسريانية. ومن أراد التفصيل فليراجع الفهرست (طبعة مصر صفحة ٣٤٠ وما بعدها) وفيه أسماء المترجمين الذين ترجموا إلى العربية من اللغات المختلفة ومنهم ابن المقفع وكثير من آل نوبخت الذين نقلوا إلى العربية كثيراً من الكتب الفارسية.

ويجدر بنا أن نشير في هذا المقام إلى أن كثيراً من هذه الكتب التي عربت عن الفارسية الساسانية كان أصلها يونانيا ترجمت إلى الفارسية في عهد الساسانيين ثم قام بتعريبها الإيرانيون أنفسهم؛ ومن هذه الكتب كتب في المنطق والطب ترجمها ابن المقفع إلى العربية، وكتاب في الطب أيضاً لثياذوسيوس الطبيب الخاص لسابور الثاني عرب من الفارسية

وقد كان للإيرانيين أثر واضح في الطب بصفة خاصة عن طريق مدرسة جند يسابور. فبرغم أن أساس التعليم الطبي في تلك المدرسة كان الطب اليوناني إلا أنه قد اصطبغ بصبغة إيرانية بالتدريج، وكان للقريحة الإيرانية أثر كبير ونفوذ عظيم في منهج التعليم بها.

وقد ترجمت كتب أخرى من اللغات الهندية والقبطية إلى العربية ذكر ابن النديم كثيراً من أسمائها وأسماء الذين قاموا بتعريبها.

(يتبع)

<<  <  ج:
ص:  >  >>