اعتمده، وينظر في أيّ الأوزان يكون أحسن استمراراً، ومع أي القوافي يحصل أجمل اطراداً، فيركب مركباً لا يخشى انقطاعه والتياثه عليه.
٣٢٣ - فلقى الله شبعان ربان دفيئاً
قال أعرابي وهو يدعو الله بباب الكعبة: اللهم ميتة كميتة أبي خارجة. فسألوه، فقال: أكل بَذَجاً وشرب وطبْاً من اللبن، وتروى من النبيذ، ونام في الشمس فمات؛ فلقي الله شبعان ريان دفيئاً.
٣٢٤ - طلعها كأنها رؤوس الشياطين
في (الكامل): التشبيه جار كثير في كلام العرب حتى لو قال قائل هو أكثر كلامهم لم يبعد. قال عز وجل وله المثل الأعلى:(الزجاجة كأنها كوكب دري) وقال: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين). وقد اعترض معترض من الجهالة الملحدين في هذه الآية فقال: إنما يمثل الغائب بالحاضر، ورؤوس الشياطين لم نرها فكيف يقع التمثيل بها؟ وهؤلاء في هذا القول كما قال الله:(بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله). وهذه الآية قد جاء تفسيرها في ضربين: أحدهما أن شجراً يقال له: (الآستَن) منكر الصورة يقال لثمره: رؤوس الشياطين، وزعم الأصمعي أن هذا الشجر يسمى الصوم. والقول الآخر - وهو الذي يسبق إلى القلب -: إن الله شنع رؤوس الشياطين في قلوب العباد، وكان ذلك أبلغ من المعاينة، ثم مثل هذه الشجرة بما تنفر منه كل نفس.
٣٢٥ - إلا التنقل من حال إلى حال
في (تأريخ الطبري): قال أبو العتاهية: وجّه إليّ المأمون يوماً فصرت إليه، فألفيته مطرقاً مفكراً، فأحجمت عن الدنو منه في تلك الحال، فرفع رأسه فنظر إليّ، وأشار بيده أن ادنُ فدنوت، ثم أطرق ملياً، ورفع رأسه فقال: يا أبا اسحق، شأن النفس الملل وحُبُّ الاستطراف، تأنس بالوحدة كما تأنس بالألفة. فقلت: أجل يا أمير المؤمنين، ولي في هذا بيت. قال: وما هو؟ قلت:
لا يُصلح النفس إذ كانت مقسَّمَةً ... إلا التنقّلُ من حال إلى حال