ونستطيع أن نسمي النوع الأول (أغاني الطبع) والنوع الثاني (أغاني الصنعة) ونقول إن معظم ما نظم رامي لأم كلثوم هو من أغاني الطبع، ولا نقول كله لأنه نظم لها كثيراً من (أغاني الصنعة) التي طلب إليه نظمها من أجل أشرطتها السينمائية، وعلى ذكر الأشرطة السينمائية نلاحظ أن رامياً قد عوض حرارة أغانيه فيها بفنه الرفيع، وبيانه الرائع، ومقدرته على التلوين والتظليل والتخطيط كما قدمنا، ثم باستغراقه، في مناسبات بديعة، في تصوير الطبيعة المصرية الفاتنة الساكنة، والتعبير عنها ذلك التعبير الهيّن الليّن الذي تنعكس فيه أروع لوحات تلك الطبيعة الممتازة المليئة بالمفاتن. وليس معنى هذا أنه قصر تصوير تلك اللوحات على غير أغاني أم كلثوم، ولكن معناه أنه خص الكثرة الغالبة من أغاني غيرها بأروع تلك اللوحات، وإن أودع بعض أغانيها شيئاً ثميناً قميناً بالملاحظة من تلك اللوحات
من منا لم يردد في نفسه ألف مرة (لحن الكروان) الذي نظمه رامي لشريط (دموع الحي)؟ والذي مطلعه:
ياللى بتنادي أليفك ... والفؤاد حيران عليه
ومن منا لم تأخذه مقدرة رامي الفنية في تصوير الليالي المصرية المقمرة التي ينسكب فيها تغريد الكروان العاشق فيزيدها بهاء وروعة؟!
كروان حيران ... سابح في نور القمر
والصوت رنَّان ... ملا الفضا وانحدر
والكون نعسان ... حتى الطيور ع الشجر
. . . . . . . . .
هايم ينادي حبيبه ... من غير ما يعرف فين
وإن كان ح يسمع نحيبه ... تحتار تشوفه العين
وتتجلى في هذا اللحن الخالد مقدرة رامي في الانتقال من تصوير الطبيعة إلى بث الهوى وشكوى الهيام