غير أداء فريضة الحج، كأن يقف في عرفات للسؤال عن كتاب
وعدوان المغول على بغداد لم تسجل فظائعه في غير ظاهرة واحدة هي تزويد أسماك دجلة بما كان في بغداد من نفائس المؤلفات
والحريق الذي صاول الفسطاط ستين يوماً لم يذكر المؤرخون من بلائه غير اجتياحه لذخائر المكتبات
وكان المسلمون حين يستنفرون إخوانهم للدفاع عن بلد من بلاد الأندلس يقولون أنه وطن النوابغ من المؤلفين والشعراء.
وحين تفرق شمل المسلمين في بعض العهود الماضية وجد النابهون لآثارهم العلمية والأدبية، والتشريعية ما يعمر مئات المكاتب، ويضمن الزاد النفيس للإفهام والعقول، بحيث لا تخلو مدينة من آثارهم الجياد
إن أساس المدينة يرتكز على العلم في جميع العصور، حتى عصور الظلم والاستبداد، ألم تروا أن مغامرات هتلر أوحى بها كتاب؟
إن المدافع والطيارات والأساطيل ليست إلا تعابير عن جانب من طغيان القوة الفكرية، كما أن الآداب والفنون تعابير عن جانب من ذلك الطغيان
لا تسمعوا لمن يثبطونكم عن الحياة الفكرية، بحجة أن هذا الزمن ليس زمن الفكر وإنما هو زمن القوة، فالفكر هو المصدر لكل قوة، ولو تمثلت في أبشع الألوان
ومصر تتمتع اليوم بسمعة طيبة من الناحية الفكرية، وهي تدعوكم إلى مواصلة الجهاد العلمي والأدبي، لتصلوا بها إلى ما تسمو إليه من العزة بين كبار الشعوب
أنا لا أكتفي بأن يكون حظ مصر من المجد القديم هو الأستاذية لفلاسفة اليونان في التاريخ القديم، وأكره أن يكون حظ مصر في العهد الإسلامي مقصوراً على رعايتها للحضارة الإسلامية بعد سقوط بغداد
انظروا إلى الأمام ولا تنظروا إلى الوراء، فالفكر من حظ مصر في جميع العهود، وسيكون لها في المستقبل تاريخ يفوق جميع التواريخ، وستعرفون صدق هذه النبوءة بعد حين.
الأستاذ محمد الههياوي
فجع الأدب وفجعت الوطنية في رجل كان من الأعلام بين رجال الأدب ورجال الوطنية،