وقوع المصدر المعرف حالاً نادر جداً، ولا يكون إلا في صورتين يمثل لهما بمثالين هما: جاءت الخيل بَدادِ، وأرسلها العِراك
ولكن الأستاذ لم يُرِد أن يعترف بأنه قال ما قال - وهو ما خطّته يمينه صريحاً كما مرّ - فجاء في العدد ٤٣٥ يقول ما نصه:
وأقول: إن الأستاذ لم يتبين رأيي على وجه الصحيح؛ إذ توهم أني أرى (عبراً) مصدراً أريد به الحال (تأمل)، ولم أقل هذا (تأمل)، وإنما قلت: إنه مصدر وضع موضع اسم الفاعل، فهو عبر بمعنى عابر، كما في قوله تعالى:(إن أصبح ماؤكم غورا)؛ ورجل عدل: أي عادل!
أقول: ما على القارئ إلا أن يرجع إلى عبارته، فهي من الوضوح والسلامة والإيجاز بحيث لا توقع في وهم أو ضلال.
ثم نرى الأستاذ بعد ذلك يعود فيؤكد إنكاره لما قال، ويتسرّب من هذا الإنكار - في شيء من الالتواء - إلى إجازة إعراب (عبر) حالاً؛ إذ هذا المصدر - كما يقول - سيفقد تعريفه بعد التقدير. . . الخ
وإني واضع عبارته كلها أمام القارئ، مراعاة للدقة، وسوقاً للحجاج على وجهه الصحيح، قال:
(فأنت ترى أني لم أنص على أن كلمة (عبر حال) حتى يشترط تنكيرها، وإنما نصصت على أنها مصدر بمعنى فاعل (تأمل). وكونها (حالاً) أمر اقتضاه السياق الكلام في الجمل التي ساقها الأستاذ. وساعد عليه أن المصدر سيفقد تعريفه بعد التقدير. وسيصير المضاف إليه مفعولاً، وذلك في قولك:(عابرة الأطلنطي)؛ فليس ثم ما يمنع من أن يكون المصدر (حالاً) بعد أن فقد تعريفه)
أقول: إن المثال - وموضوع البحث والمناقشة - غير صحيح؛ إذ لا يعرف في العربية مصدر معرف يقع حالاً إلا في صورتين أو صور قليلة شاذة - فلا يمكن أن يتلمس له من (التقدير) ما به يخرج من فساده المتأصل
ألا إن الموضوع من الخطورة بحيث لا ينبغي أن يُرْمى فيه الكلام على عواهنه
بقيت مسألة ليست محل نزاع بيني وبين الأستاذ، وهي ما أشار إليها بقوله: (فقد أصبحت