للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بيد أن لهذه المذكرات من الوجهة التاريخية ناحية أهم. ذلك أن المؤلف يقص علينا سيرة الحوادث السياسية الخطيرة التي وقعت في عهد توفيق، أعني الثورة العرابية وما انتهت إليه من النتائج المشئومة. وقد كتب تاريخ الثورة العرابية وما إليها في العصر الأخير غير مرة، وصدرت عنها مذكرات كثيرة مصرية وأجنبية، ولكن شفيق باشا ينفرد بمعالجة ناحية لم تعالج من قبل بمثل ما عالجها به من الإفاضة والدقة، ولم يكن ليستطيع معالجتها غير شفيق باشا نفسه. ذلك هو موقف القصر ووجهة نظره وحقيقة تصرفاته إزاء تلك الحوادث العصيبة. وقد كان شفيق باشا يومئذ من موظفي القصر، ومن الرجال الذي يضع فيهم الخديو ثقته؛ وكان بذلك في مركز يستطيع أن ينفذ منه إلى بواطن الأمور وحقائقها وأن يعرف حق المعرفة ما يقع في القصر وما يدبر فيه وما يقال نحو الحوادث وتطوراتها، وأن يقف على وثائق لا يقف عليها غير رجال القصر الأخصاء؛ وهذه الناحية تبدو واضحة قوية في رواية شفيق باشا عن الثورة العرابية، وتلقي الضياء على مسائل وشئون كثيرة في تاريخ الثورة لم نقف عليها من قبل بمثل ذلك الوضوح. وهذه الميزة وحدها تجعل لمذكرات شفيق باشا قيمة كبيرة؛ هذا إلى ما يتخلل ذلك كله من النبذ الاجتماعية والأدبية التي تمثل روح العصر وأحواله أصدق تمثيل.

فنهنئ الباشا بمجهوده القيم، ونرجو اله أن يمتعه بالصحة والعافية حتى يخرج لنا ما تبقى في جعبته من ذلك التراث القومي النفيس.

(ع)

<<  <  ج:
ص:  >  >>