وأتطلّب رأي إحدى صويحباتي فتكره أن تزهدني فيها، وتميلني عنها، بعد أن شريتها. فتقول:(إنك تبدين فيها يا عزيزتي مدهشة فتانة!). وأسأل الرجل فيقول:(ما هذه القبعة؟ أهي صندوق فحم مقلوب. . .!) ومن الغريب أنه لا يريد أن يحدج بسوء حين يجهر بهذا القول. وإني لشديدة الإعجاب بصدقه وإخلاصه في صراحته. لأني أعتقد يقيناً أنه بفطرته محمود الملابسة، شهي المجاملة، لا يعرف كيف يدامل أو يدامج!
وليس من شأن الرجل أن يغتاظ بمثل السهولة التي تنال من المرأة، وتثير لحتدامها، فقد تستاء وتتكدر بل تستشيط غضباً إذا اعتقدت أن إحدى صويحباتها قد قلدت رسم ثوبها الجديد وسبقتها إلى الظهور به، أو أنها قد استمالت خادمتها القديمة النافعة، أو أنها قد أخبرت صاحبتها فلانة أنك تتهم سلامة ذوقها في الأزهار التي يطالعك بها فناء حديقتها! أما الرجل فلا يحفل شيئاً من هذا، ولا يزعجه تنديدك بنظام مغروساته وأزهاره، ما دام هو يحبها ويتعهدها بما يلزمها من السقيا والري.
بيد أني أعتقد أن السيد (آدم) مزهوّ بذاته، وأعرف أنني إذا كنت أبغي النجح لمطلب أقصده، فليس عليّ إلا أن أثني على مهارته ثناء جماً، وأمتدح اجتهاده وشهامته، وأتغنى بمواهبه وحكمته. . . وأعرف أن معدته هي نقطة الضعف فيه. . . وأنه قل أن يوجد في الرجال مَن لا يستخفه طبق شهي مصنوع من (مايونيز الخبياري، وجراد البحر (الجمبري). . .)
وإنك لا تجد للرجل ضريباً في صدق صداقته، وهذا سبب من أعظم الأسباب التي تحفزني على أن أمحص الرجل صافي ولائي
وأعتقد كذلك أن الرجال في غضون عشر السنوات الأخيرة قد كيفوا ذواتهم تكييفاً معجباً، وفاق ما استلزمته التغييرات والتطورات الحديثة. فقد مضوا إلى ميادين القتال، وقارعوا في سبيلنا، وجاهدوا جهاد الأبطال للذود عن أوطاننا، ولاقوا الأهوال، وأفنوا زهرة العمر في الخنادق الضيقة الملوثة بالجراثيم والأوبئة، وواجهوا الموت في المغاور والمخابئ الصماء. ثم عادوا وماذا وجدوا؟ وجدوا عالماً غريباً أفرغ في قالب لا عهد لهم به من قبل. بل وجدوا عالماً جديداً، احتلت فيه المرأة مقام السؤدد
ووجدوا أننا قد سلبناهم أعمالهم ووظائفهم، إذا أطلقنا عقال التقاليد، وعدنا غير ذلك الجنس