هي تلك الزنبقة التي ما كاد ثغرها يفتر في الحديقة الغناء فتمتص الندى وتتشرب العصير وتستحم بأنوار الشمس حتى قطعت عنها الطبيعة مجاري المياه فراحت تشكو العطش وتحذر الهلاك!.
يا للجمال الرائع تلامسه يد الأسى بأصابعها النارية! يا للقلب الفارغ بعد امتلاء تتسرب إليه الوحشة والحنين بين الذكريات الوامضة الجميلة!
ويا ليالي الشتاء ما أطولها وما أقسى بردها على هذه الحمامة الوحيدة الوادعة!
توفي زوج (م) ولم يمر على زاوجهما أكثر من عام فخلف شريكة حياته ولا سلوى لها سوى طفلة في مهدها وذكريات طيبة مشوبة بمرارة الفراق الأبدي. من الذي سيبادلها الحديث الحلو؟ الابتسام؟ القبلات والعناق؟ ومن سيشاطرها الحياة شهورها وسنيها؟!
أحبت وحيدتها شأن كل أم وأفرطت في الحب ولكن هذا الإفراط ما كان ليخفف من مصابها بشريك حياتها. ومرت الأيام والأشهر وتصرم عام وبعضه و (م) تستهدف سهام الحياة.
فتتألم ذلك الألم الأخرس الذي يجيش في نفس جريح خانته قواه فما استطاع كلاماً حتى ولا أنينا!.
سل الوسادة عما بللها من دمعها الغزير في ظلمات الليل! سل النجوم عما تصعد إليها من حسرات على أجنحة الرياح! وسل المرآة الصافية عما صوب إليها من نظرات حزينة! ومن خلال لآلئ الدموع كانت عيناها تنظران بخيلاء كسير إلى الجمال المضاع.
- إنني ما زلت حسناء. . . جاذبيتي ما زالت ثائرة. . . وقلبي فارغ. . . هل سيظل هكذا. . .؟ ولماذا يظل هكذا. . . . . .؟
تجول هذه الأفتكارات وأشباهها في رأس (م) فلا تلبث أن ترتمي على كرسي قريب وتجهش بالبكاء. فإذا ما دنت إليها طفلتها تصيح (ماما) انقلبت من البكاء للضحك ومن الإجهاش للقهقهة، وبقي شيء لم يتغير هو الألم الممض في قلبها الوديع.
(أريد أن أحب). . وحي علوي هبط على نفس (م) هبوط قطرات الطلعلى الزهرة العطشى