من غزواته الغرامية، فقد وجه سهامه، وهو لا يزال في الثامنة عشرة من عمره إلى فؤاد (آن هاتوي) ابنة فلاح، فصادها!
كان وليم مشبوب العاطفة، زير نساء، كما تدل عليه أشعاره وخاصة قصيدته (فينوس وأدونيس). ومن المؤكد أنه لم يقصد من مغازلة (آن) سوى العبث وإشباع الشهوة، ذلك أنه لم يكن يحبها، كما تبين فيما بعد، ولكن المسألة تطورت وأرغم آخر الأمر على أن يتزوجها.
كانت (آن) تكبره بثماني سنوات، وبعد ستة اشهر من زواجها وضعت له صبية اسماها (سوزان) ولا ريب أن هذا هو السبب الذي من أجله أرغم وليم على الزواج.
على أن هذا الزواج كان نكبة على الشاعر ونعمة على الأدب الإنكليزي خاصة والأدب العالمي عامة.
ذلك أنه لو لم يتزوج (آن) هذه لما نزح إلى لندن ولما عرف تلك الفتاة ذات الشعر الناعم والحاجبين الأسودين التي جرعته الصاب والعلقم، والتي من أجلها أخذ يخرج تلك الروائع الخالدات، ينفث فيها سمه، وينفس بها عن كربه.
لقد كان وليم، كما أسلفنا، زير نساء، لا يكف عن رمي شباكه هنا وهناك لاصطياد الكواعب، وكانت (آن) زوجته شديدة الغيرة، شكسة الطبع، فكان الخلاف بينهما يتسع والحالة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
إن غلمته العارمة ورعونته الهوجاء هما اللتان ورطتاه وقيدتاه بهذه الأنشوطة فلا مناص له الآن إلا أن يقطع الحبل. لقد كان عليه أن يختار أحد أمرين، إما أن يكون مخلصاً لطبيعته وفنه، وإما أن يذعن لعرف المجتمع وواجبه؛ فاختار الأول وفر إلى لندن، ولقد عاد هذا الاختيار على العالم بأكبر فائدة.
ولقد حاول الشاعر أن يعتذر عن هذه الزلة بهذا البيت:
(الحب طفل غرير ليس يدري ما الضمير)
لا نريد أن نقف طويلا لنتبع خطوات شكسبير في لندن مخافة أن يطول بنا الكلام فيلهينا عما نحن بصدده. يقول الرواة إن أول عمل قام به الشاعر عند هبوطه على لندن هو إمساك الجياد عند أبواب المسرح مقابل جعل، ثم تدرج قليلا قليلا إلى أن اصبح ممثلا