وكلما مر نسيم الصبا ... مر بجنبي رائقا صافيا
ولم يزل دهري بي ماضيا ... لا تعبا يوما ولا وانيا
حتى انجلى شرخ شبابي به ... مستهديا مهتديا هاديا
يبسط من راح الهوى راحة ... ولم يكن من راحة صاحيا
إذا دعته للعلى دعوة ... أدرك فيها المثل العاليا
شرخ شباب ما تذكرته ... إلا وقد عدت له ثانيا
يحضرني معتملا آملا ... ورائحاً في يومه غاديا
صاحبت مذ صاحبته مهجة ... تفتح الحب بها ناميا
ثم استوى فيها على سوقه ... ثم تبدى زاهراً ذاهيا
ثم انثنى يعطي الجنى عن غنى ... يشبع من كان به طاويا
غذيت آدابي بأثماره ... وما يزال الطاعم الكاسيا
سقيا لشرخ من شباب مضى ... ما كنت في يوم له ساليا
أصبح أبياتاً يغني بها ... فتطرب السامع والشاديا
حليت ديواني بها قائلا ... لولا حلاها لم يكن حاليا
لم تبقى عندي من شبابي سوى ... بقية لست لها باقيا
ولست بالجاهل ما في غد ... ولو على الناس بدا خافيا
كأنني بالشيب في لمتي ... أوقد ناراً وانتضي ماضيا
لا يترك الدهر له صاحبا ... حتى يرى شيخاً به فانيا
ذان الجديدان يجدان بي ... ولا يجددان لي باليا
فلا أطاش الله لي رمية ... كنت عليهما بها راميا
حسين الظريفي