يفتها ذلك ولم تتردد أن قالت له في يوم من الأيام بعد أن اتصل بها مباشرة:(إني أشعر وكأني لم أتصل بك ألبتة، أشعر كأنك بعيد عني كل البعد).
وفي آخر الرواية ترى الأم مقدار الضرر الذي تلحقه بأبنائها نتيجة استئثارها بحبهم، وترى كذلك أنها مهما خدمتهم ومهما تفانت في هذه الخدمة فلن تستطيع أن تجعله يعدل عن حب امرأة أخرى. فيتحطم قلبها ويذبل جسمها وتسير في طريقها نحو القبر بخطوات واسعة.
ويرمز لورنس بموت الأم إلى مآل المرأة التي تسير في الطريق غير الطبيعي، ذلك الطريق الذي لم تخلق له.
ويرى في ميريام وكلارا نساء القرن العشرين، فكل منهما امرأة لا تصلح لشيء سوى حضور المراقص وإقامة الحفلات واستغلال أصحاب الأموال واستعبادهم. ونرى شخصيتيهما تتكرر في رواياته الأخرى تحت أسماء أخرى.
فنجد أميلي في (الطاووس الأبيض) وهيلدا في (ظل الربيع) وهيلينا في (المعتدي).
ويرى في بول الرجل الذي يفيض قلبه بالعاطفة التي أشعلتها فيه أمه، وهؤلاء يظلون عذارى داخل أقفاص من حديد، يتمنون حب امرأة ليجرف أمامه حبهم لأمهاتهم، وعبثاً ما يتمنون.
وتتكرر هذه الشخصية كثيراً في روايات لورنس المختلفة، فهو شربنزكي في (قوس قزح) وألفريد دبرانت في (بنات القسيس) وجورج في (الطاووس الأبيض) وبرتي ريد في (العميان).
أما مورل الأب فهو مثال لورنس الأعلى ورجله الكامل، خلع عليه كل صفات الرجولة ومميزاتها، ونجد له أشباهاً في الروايات الأخرى، فهو أنابل في (الطاووس الأبيض) وهو ميلورز في (عشيق لادي تشاترلي).