وقد رفعت يديها نحوه في حركة كلها توسل واستعطاف كأنما ترجوه أن يعفو عنها ويتركها دون أن يمسها بأذى أو مكروه. تطلع إلى وجهها فرأى عينيها الواسعتين ترقبانه في استسلام وخضوع وترجوانه أن يعفيها من هذه المهمة العسيرة. كانت كالذبيحة التي رقدت مستسلمة حتى يحين وقت تقديمها قرباناً للآلهة. . . فكان كل ذلك سبباً في برود كل عاطفة كان يشعر بها نحوها. . .).
وفضلاً عن ذلك كانت ميريام ابنة القرن العشرين، تؤمن بتلك النظرية المستحدثة التي تسوي بين الرجل والمرأة، والتي تقول بوجوب مزاولة المرأة لكافة أعمال الرجال، فبدلاً من أن تركز كان تفكيرها في حياتها المنزلية كانت تحن دائماً إلى ممارسة أي عمل من أعمال الرجال، وكثيراً ما كانت تقول:(أريد لو أتيحت لي الفرصة مزاولة عمل من الأعمال كما أتيحت لكثيرات قبلي. وهل كان ذنبي أنني خلقت امرأة، إن هذا أبعد ما يكون عن العدل).
ورغم أنها كانت تكره الجنس الآخر إلا أنها كثيراً ما كانت تتمنى لو خلقت رجلاً، وكان مقياس احترامها لأي شخص هو مقدار ما حصله من التعليم والدراسة.
وفي الوقت نفسه كان يشعر بول في قرارة نفسه أن حبه لأمه لا يترك له فرصة كي يحب امرأة أخرى غيرها، وكان يعرف أنه مهما أحب ومهما أخلص فحبه لأمه أقوى وأثبت. ومع ذلك كان يتمنى لو صادف المرأة التي تستطيع أن تحبه حباً جسيماً، حباً يستطيع أن يكسر تلك الأغلال التي تقيده بأمه وتربطه بها ولكن ما كانت ميريام أبعد ما تكون عن هذه المرأة، وكان هو يعرف عنها ذلك، فكان يحبها ويشفق عليها، ثم يعود يبغضها ويمقتها.
وأخيراً لم ير بداً من أن يطلب منها فصم تلك الصلة التي بينهما، فكانت الضربة القاضية التي هدمت حياتها.
ترك بول ميريام واتصل بكلارا، وعلى العكس من حبه لميريام، كان حبه لكلارا حباً حيوانياً لا غير، ففي أول مقابلاته لها نراه يسترق النظر إلى صدرها من تحت ثيابها منتهزاً فرصة انحنائها لاقتطاف زهرة، ثم نراه وقد انتقل ببصره إلى رقبتها وبقية جسمها، ورغم ذلك فقد باء حبه في هذه المرة بالفشل أيضاً نتيجة حبه لأمه، فعجز عن أن يهبها جسمه كله، فأعطاها جزءاً ومنع عنها الجزء الاكبر، وكانت كلارا امرأة ذات تجارب فلم