للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(١) أن موعد انعقادها كان قبيل الحج، وهي قريبة من مكة وبها الكعبة، فمن أراد الحج من جميع قبائل العرب سهل عليه أن يجمع بين الغرض التجاري والاجتماعي بغشيانهم عكاظ قبل الحج، وبين الغرض الديني بالحج.

(٢) أن موسم السوق كان في شهر من الأشهر الحرم - على قول أكثر المؤرخين، والعرب كانت في (الشهر الحرام) لا تقرع الأسنة، فيلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه فيه فلا يهيجه تعظيما له، وتسمى مضر الشهر الحرام بالأصم لسكون أصوات السلاح فيه، وفي انعقاد السوق في الشهر الحرام مزية واضحة، وهي أن يأمن التجار فيه على أرواحهم، وإن كانوا أحيانا قد انتهكوا حرمة الشهر الحرام فاقتتلوا كالذي روي في الأخبار عن حروب الفجار كما سيجيء، ولكن على العموم كان القتل في هذا الشهر مستهجنا، قال ابن هشام: إني آت قريشا فقال: إن البراض قد قتل عروة وهم في الشهر الحرام بعكاظ، الخ وقد قال ذلك استعظاما لقتله.

(فكان يأتي عكاظ قريش وهوازن وغطفان والأحابيش وطوائف من أفناء العرب) وكانت كل قبيلة تنزل في مكان خاص من السوق، ففي الخبر أن رسول الله ذهب مع عمه العباس إلى عكاظ ليريه العباس منازل الأحياء فيها، ويروى كذلك أن رسول الله جاء كندة في منازلهم بعكاظ بل كان يشترك في سوق عكاظ اليمنيون والحيريون. يقول المرزوقي: كان في عكاظ أشياء ليست في أسواق العرب، كان الملك من ملوك اليمن يبعث بالسيف الجيد والحلة الحسنة والمركوب الفاره فيقف بها وينادي عليه ليأخذه أعز العرب، يراد بذلك معرفة الشريف والسيد فيأمره بالوفادة عليه ويحسن صلته وجائزته ويروي ابن الأثير عن أبي عبيدة (ان النعمان ابن المنذر لما ملكه كسرى ابرويز على الحيرة كان النعمان يجهز كل عام لطيمة - وهي التجارة - لتباع بعكاظ). فترى من هذا أن بلاد العرب من أقصاها إلى أقصاها كانت تشترك في هذه السوق. واختلفت الأقوال في موعد انعقادها، وأكثرها على أنه كان في ذي القعدة من أوله إلى عشرين منه، أو من نصفه إلى آخره، قال الأزرقي في تاريخ مكة.

(فإذا كان الحج. . . خرج الناس إلى مواسمهم فيصبحون بعكاظ يوم هلال ذي القعدة فيقيمون به عشرين ليلة تقوم فيها أسواقهم بعكاظ، والناس على مداعيهم وراياتهم منحازين

<<  <  ج:
ص:  >  >>