للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورأوك في الدهر البعيد ولو دروا ... أنْ لو أرادوا كان منك لِمَام

لرأوا مشيئتهم تشاء ولا تشاء ... هاموا وتحسب أنهم ما هاموا

ومن المشيئة ما يجيء فجاءة ... ليست تجزئ أمره الأيام

ونأى بهم عن وِرْدِ خيرك أنهم ... للحرص حادٍ بينهم وزمام

أمباغتا بالخير بعد تمنع ... حب الأنام لعهدك استقدام

ولقد يتوب أخو المجانة بغتة ... من بعد عيشِ كله آثام

ويتوب هذا الخلق من شر ومن ... إثمٍ فتحمد خَيْرَك الأيامُ

كم فتنة أجحتَ نار جحيمها ... شوقاً لعهدك والأنام حُطام

وشعار حق كم غدا أُحْبُولة ... أثرى بحقك في الأنام لئام

وإذا العبيد تحكموا في فتنة ... ساروا على نهج الظَّلُوم وضاموا

أترى العبيد ببابلٍ وبطيبةٍ ... أغرتهمُ بكمالك الآلام

لو أنهم ملكوا لعافوا مسلكا ... يدني إليك وطاشت الأحلام

ولطالما حن اليهود لشرعه ... ودعا المسيح له ورِيمَ سلام

وتَنَظَّر المهديَّ قوم أمَّلوا ... ركباً له يحدو به الإسلام

ثار الفرنس وخيرهم يبغي له ... عهداً تدين لشرعه الأحكام

يبكي ويعتنق الغريب مُبَشَّراً ... بالشر زال وبالكمال يُشام

ما زال شر - لا - ولم يمهد به ... نهجَ السلام الحكمُ والحكام

أنَّى تكون وفي الأنام تفاوتٌ ... أُسْدٌ لها في الصاغرين سَوام

عِرٌّ وذو مكر فلست بكائن ... حتى تَساَوَى في الأنام الْهَام

فمتى يدين لسُنَّةٍ لك جمعهم ... ويراك خيراً شَرُّهم فترام

لا يصدق الكُهّان إن هم أنبأوا ... بدوام ما لم يُلْف فيه دوام

كم من عهودٍ كان يحسب أهلها ... أنْ زل عنها النقض والإبرام

نَسِىَ الأنام عهودهم فعهودهم ... أقصى وأدنى منهمُ الأوهام

فقد الأنام صفاتِ أجداد لهم ... وتحولت وتبدلت أجسام

والطبع في غدد الجُسوم فَعَلَّها ... يوماً تصح فلا يكون أثاَم

<<  <  ج:
ص:  >  >>