في منزله فوجدناه يتدرب على إطلاق الرصاص وقد الصق بالباب غرضا جعل يصوب الطلقات إليها له تباعا فلا يخطئه. فلما رانا تلقانا كعادته، ولم يذكر لنا شيئا عن حادث الليلة الماضية. . ومرت ثلاثة أيام والضابط لا يزال على قيد الحياة، ونحن نتساءل (ألا يتبارز سيلفيو؟) أجل لن يتبارز الرجل! بل راح يشرح الأسباب العرجاء التي لم تقنع أحدا منا.
وهذا الرفض وذلك الاحتمال من جانب الرجل أساء إلى سمعته بيننا نحن الشبان، لأن الشباب لا يغتفر الجبن، ويعتقد أن الشجاعة خير الصفات التي يجب أن يتصف بها المرء في جهاد الحياة، وأن الشجاع يستبيح لنفسه كل شيء: يحلل الحرام ويحرم الحلال. ولكن سرعان ما نسينا كل شيء بعد مدة، وسرعان ما استعاد سيلفيو مكانته القديمة بيننا.
وفي الحق أن رأيي في هذا الرجل لم يعد إلى ما كان عليه، لأنني رومانتيكي في خيالي وتفكيري، ولقد أحببت هذا الرجل اكثر من غيره، مع أنه كان لغزاً للجميع. وكنت أتصوره دائما بطلاً لدرامة رائعة. وكنت واثقا من أنه يحبني، فإذا انفرد بي ترك تهكمه اللاذع وراح يتحدث معي في شتى المواضيع، ولكني بعد الحادث المعروف لم أكن أطمئن إليه ولا أرتاح إلى حديثه، لاعتقادي أنه أهين ولم يغسل إهانته بالدم، وكنت أتحاشى مقابلته أو النظر إليه.
وكان الرجل من الذكاء ونفاذ البصيرة بحيث أدرك تماما سبب تغيري، وخيل ألي مرتين أنه يريد أن يتحدث ألي في هذا
الموضوع ولكنني تحاشيته ولم يصر من جانبه علي الحديث.