الذي كان له الأمر في ذلك العهد، وانقلاباً إلى وحي الوجدان: إلى تغليب الإحساس على العقل. وروّاد الرمزية (ألويزوس برتران) و (جيرار دي نرفال) ولا سيما (بودلير) الفحل. وأما أبطالها فـ (أرتر رامبو) و (بول فرلين) و (مالارميه) ثم (لافورج) و (كاهن) و (رودنباخ) و (فرهايرن) و (مورياس) و (ستوارت مِرِل) و (هنري دي رينييه) و (ديجاردان) و (سامان) وغيرهم. وسرعان ما انتحى المذهب نواحي مختلفة بالإضافة إلى الأداء وإن استقامت جميعها على عمود واحد من الاستلهام. وإذا نحن وقفنا عند أبطال المذهب أصبنا (رامبو) يعول على السحر اللفظي، و (فرلين) على الترنم، و (مالارميه) على الإيهام. وقد دوُنت هذه النواحي إلى جانب ما وقع بين أصحابها من المناظرات في مجلات صغيرة أنشئت للدفاع عن الرمزية وبثها فضلاً عن هدم الشعر الاتباعي القائم، اذكر منها: , , وكان لأجل (الرمزية) - فوق هذا - قهوات يجتمعون فيها، قد أدركت واحدة منها في باريس قبل أن تنقلب قهوة حديثة، وكان اسمها، وهي اليوم
وقد راسلت (الرمزية) في الشعر (رمزية) في الموسيقى والفن تأخذ مأخذها. وأمهر الموسيقيين الرمزيين (كلود ديبوسي)، وأبرع المصورين (بوفيه دي شافان)، والنحاتين (رودان) معلم جبران خليل جبران
ثم إن (الرمزية) الشعرية امتدت إلى ما يلي فرنسا شمالاً وجنوباً. فظهر في ألمانيا (رِلكه) و (ديمل)، وفي إنجلترا (بيتس)، وفي البرتغال (أوجينيو دي كاسترو)
وأما مصادر هذه (الرمزية) فيتنازعها الأدب والفلسفة والفن والموسيقى. وإذا نحن قررنا أن الرمزية إنما هي - آخر الأمر - التعبير عن الحياة الباطنة رجعنا خاصة إلى تأويل (بودلير): (الفن الخالص أن تخلق سحراً يوهم ويوحي فيضم في آن الذات والموضوع)، والى قولة (شوبنهور): (العالم هو ما يتمثل لي)، والى منهج نفر من المصورين الإنجليز الموسومين بهذا اللقب - وهو منهج يصعد إلى سنة ١٨٤٨ وقوامه أن المصور ينبغي له أن ينبذ القواعد المضبوطة ليترك عينه تقرأ على هواها في صحيفة الطبيعة. ثم إلى ثورة (فجنر) على الأوبرا التقليدية وإدارجه (العنصر الإنساني الخالص) أو في المأساة الموسيقية
تلك هي الرمزية الأولى في الأدب الإفرنجي الحديث ولا سيما في الشعر. وقد انحلت إلا