وإذا دار الأمر بين تعليم اللغة من سبيل هذا الأدب الزائف وجهلها - اخترنا جهلها، لأنه خير لنا أن نعرب في أفعالنا ونلحن في أقوالنا من أن نعرب في أقوالنا ونلحن في أفعالنا
الآن أشعر بما يشعر به من كان يحمل حملاً ثقيلاً فمشى به أميالاً في صحراء محرقة حتى ارفض عرقاً، وتقطعت أنفاسه تعباً، ثم بلغ به مستراحاً ومقيلاً، فرمى بحمله وجلس بجانبه، فشعر بالراحة من ذلك الحمل الذي بهظه وأنقض ظهره.
أشعر بذلك لأنه كان حملاً ثقيلاً تلك الأمانة التي أخذ الله على العلماء ألا يدخروا نصحاً ولا يجدوا سبيلاً لرفع أممهم إلا أرشدوهم إليه، ونبهوهم عليه، وقد كان يحزنني أن تعلمني التجارب ما علمتني من قيمة القواعد في تعليم اللغة، وضرر الشغل بها عن علوم الحياة ثم أكتمه ولا أبوح به. والآن ولله الحمد قد خرجت من عهدة الكتمان، فبحت به، ولم أكتف بالبوح حتى أعلنته، ولم أكتف بالإعلان حتى دللت عليه. ولم أكتف بالتدليل حتى صرفت القول على وجوه شتى من التزيين والتقبيح والترغيب والتحذير. الآن وضعت الحمل وحمله آخرون.