للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسباب عديدة ثم دفعهم مع عوامل أخرى - الكتاب لا الأدباء - إلى الثورة. . .)

ورأيي الموجز في كلام الأديب البصري أن ما ذكره عن الأدب يصدق على المطالب الإنسانية التي لا اختلاف بين المفكرين على أغراضها وفوائدها

فالناس يختلفون على الأدب هل يطلب للفائدة أو يطلب للمتعة الفنية، ولكنهم لا يختلفون في عمل المصلحين من دعاة الأخلاق أو السياسة أو الدين، بل يتفقون على أن الإصلاح مقصود للفائدة دون مراء، وأن المصلح الذي لا يبغي نفع الأمم بإصلاحه لا يستحق الإصغاء إليه. .: ومع هذا يدعو المصلحون إلى غرض. ويتحقق غيره في الطريق مقصودا أو غير مقصود، وتتبدل المذاهب وللناس أخلاق باقية لا تتبدل، ويتبعهم المعري جيلاً بعد جيل بقوله الخالد المتجدد:

كم وعظ الواعظون منا ... وقام في الأرض أنبياء

وانصرفوا والبلاء باق ... ولم يزل داؤنا العياء

حكم جرى للمليك فينا ... ونحن في الأصل أغبياء

ولكن الإصلاح بعد هذا كله مفيد، والدعوة إليه واجبة، والدنيا تتغير على وجه من الوجوه بعد كل دعوة من دعواته، وإن لم يكن هو الوجه الذي تعمده الدعاة

فليس الأدب بدعاً في هذه الخصلة التي عمت جميع أعمال البشر، ولكنه عمل إنساني يصدق عليه في أمر الوصول إلى غاياته كل ما يصدق على سائر الأعمال

إلا أن الأدب ينفرد بخصلة أخرى تصرفنا بعض الشيء عن النظر إلى الغايات، أو تمنعنا أن نقصر النظر عليها عند البحث في مزاياه

الأدب تعبير

والتعبير تلحظ فيه البواعث قبل أن تلحظ فيه الغايات

لماذا يصرخ المعذب المتألم؟

إنه قد يصرخ فيدركه على الصراخ منقذ أو مساعد على التعذيب والإيلام، ولكنه سواء ظفر بهذا أو ذاك إنما صرخ لباعث في نفسه أو جسده، ولم يصرخ لغاية يتوخاها من إسماع صوته

وقد يسمع صوته فيسعد أو يشقى بانتهائه إلى الآذان، فيتحقق النفع كما يتحقق الضرر غير

<<  <  ج:
ص:  >  >>