للخليفة، كما يفعل الداخل إلى الكعبة، وسمي الخيزران أم الخلفاء تشبيها بما سمي به الرسول عائشة أم المؤمنين).
ولنا على هذا الكلام عدة مآخذ:
(١) للذي اجزم به أن هذا المعنى قد نسبة المؤرخون إلى الخليفة الثاني (آبي جعفر المنصور) ويخطئ من ينسبه إلى هارون الرشيد، لن أبا جعفر هو الذي أقام بغداد واختطها لتكون عاصمة ملكة، والأستاذ الكبير نفسه قد نسب هذا إلى المنصور في كتابه الأخير عن (المهدي والمهدوية).
(٢) ومهما يكن من شئ فان هذه الفكرة مفتراة على آبي جعفر المنصور؛ ووضعها بعض غلاة الشيعة تشويها لحكم هذا الخليفة العظيم؛ وطعنا على خلافة العباسين، وقد تورط في هذا الأستاذ (جورج زيدان) في كتابه) (تاريخ التمدن الإسلامي) ولم يحاول أن ينقد هذه الرواية، أو ينفيها عن الخليفة المنصور، فذكر أن أبا جعفر زيادة على ما تقدم قد بنى لنفسه قبة من الذهب تعرف بالقبة الخضراء لكي يصرف الناس عن الحج إلى الكعبة إلى الحج إليها، وقد أستند مؤسس الهلال في رأيه هذا إلى خطبة مغرضة خطبها بعض العلويين الخارجين على المنصور، ليحرض على الثورة عليه.
(٣) مهما قيل في استبداد المنصور وبطشه بخصومه دفاعا عن ملكه، فلا أتصور أن يبلغ به الآمر إلى المجاهرة بتعطيل ركن من أركان الإسلام، ونحن نعلم أن الدعوة العباسية لم تقم إلا على أساس الدين، والقرابة من رسول الله (ص) ومن مقتضى السياسة والكياسة إلا يجاهر المنصور بعمل كهذا، وقد ذكر الطبري في تاريخه، وأبن الأثير في الكامل: أن أبا جعفر المنصور قام في الناس خطيبا، وذكر ظلم بني أمية، واتخاذهم الكعبة غرضا فقال:(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون، قضاء مبرم وقول فصل، وما هو بالهزل؛ الحمد لله الذي صدق عبده؛ وأنجز وعده، وبعدا للقوم الظالمين، الذين اتخذوا الكعبة غرضا والفيء أرثا؛ والدين هزوا؛ وجعلوا القران عضين، لقد حاق بهم ما كانوا به يستهزئون ذلك بما قدمت أيديهم وان الله ليس بظلام للعبيد).