المفتوحة. وكانت تسجل فيها أسماء القرى ومساحاتها ومقادير ارتفاعها وتوزيع ذلك على هيئة جزية أو خراج. وكان هذا الديوان يكتب في كل قطر بلغة أهله أو لغة الدولة التي كانت لها السيادة عليه قبل الفتح الإسلامي فكان ديوان العراق وفارس يكتب بالفارسية، وديوان الشام بالرومية، وديوان مصر بالرومية والقبطية. وكان يتولى شئون هذه الدواوين عمال من أهل الإقليم، فكان عمال ديوان العراق من موالي الفرس، وعمال ديوان الشام من الروم، وعمال ديوان مصر من الروم والقبط.
وقد ظلت دواوين المال والجباية تكتب في الأقطار المفتوحة باللغات الأجنبية المذكورة يتولاها عمال من موالي الفرس والروم والقبط حتى كان زمن عبد الملك بن مروان. وكانت العربية قد انتشرت بين الأعاجم وحذفها قوم منهم إلى جانب لغاتهم الأصلية. ثم أن الدولة الأموية قد أصبحت راجحة النفوذ في الميزان الدولي؛ هذا إلى عصبيتها الشديدة لكل ما هو عربي، فلم يكن من الطبيعي أن تظل دواوينها تكتب بغير العربية. واتجهت سياسة عبد الملك إلى تعريب إدارة الدولة، وبدأ بالعملة فضربها عربية بعد أن كانت رومية وفارسية. قال البلاذري بإسناده أن عبد الملك أول من ضرب الذهب بعهد عام الجماعة أي سنة ٧٤. وضرب الحجاج الدراهم آخر سنة ٧٥ ثم أمر بضربها في جميع النواحي سنة ٧٦هـ.) ثم اتجهت عزيمة عبد الملك وعامله الحجاج إلى تعريب الدواوين.
يروي البلاذري نقلاً عن المدائني عن أشياخه في بيان السبب الذي من أجله نقل ديوان العراق فيقول (قالوا لم يزل ديوان خراج السواد وسائر العراق بالفارسية، فلما ولى الحجاج العراق استكتب زادان فروخ ابن بيري، وكان معه صالح بن عبد الرحمن مولى بني تميم يخط بين يديه بالفارسية والعربية. . . فوصل زادان فروخ صالحاً بالحجاج وخف على قلبه، فقال له ذات يوم إنك سببي إلى الأمير وأراه قد استخفني، ولا آمن أن يقدمني عليك وأن تسقط. فقال لا تظن ذلك! هو أحوج إلي منه إليك؛ لأنه لا يجد من يكفيه حسابه غيري. فقال والله لو شئت أن أحول الحساب إلى العربية لحولته. قال فحول منه شطراً حتى أرى، ففعل، فقال له تمارض! فتمارض، فبعث إليه الحجاج طبيبه، فلم ير به علة. وبلغ زادان فروخ ذلك فأمره أن يظهر. ثم إن زادان فروخ قتل في أيام عبد الرحمن ابن محمد بن الأشعث الكندي. . . فاستكتب الحجاج صالحاً مكانه فأعلمه الذي كان جرى بينه