حضرة سيف الدولة بن حمدون: إني أعرف للسيف خمسين اسماً، فقال ابن فارس إني لا أعرف له إلا اسماً واحداً وهو السيف. فقال ابن خالويه: وماذا تقول في المهند والصمصام والمتار؟ قال إنها صفات. يعني بذلك أنها اختلفت لدلالاتها على صفات غير الاسم، وذلك كأسماء الله الحسنى فإنها تدل على صفات أكثر مما تدل على الذوات. والترادف في نظري ليس مزية من مزايا اللغات، بل هو عيب من عيوبها، فإن كان موجوداً في اللغات القديمة. والمثل الأعلى للغة: لفظ واحد لكل مسمى، فلا ترادف ولا اشتراك، ولذلك كانت المترادفات في اللغات القديمة أكثر منها في اللغات الحديثة. ومع أن ألفاظ كثيرة عدت مترادفات وإن لم تكن مترادفة لدقة الفروق بينها مما أدى إلى عناية بعض العلماء من المستشرقين وعرب إلى تأليف كتب في الفروق، كما فعل أبو هلال العسكري وكما فعل بعض الآباء اليسوعيين - إلا أنها مع ذلك من غير شك كثيرة في اللغة العربية، مما ملأ المعاجم بالمترادفات وضخمها ضخامة كاذبة.
وأخيراً قال الدكتور: ماذا نستنتج من كل ذلك؟ نستنتج منه أن اللغة قد تضخمت تضخماً مزيفاً كثيراً، وكانت نتيجة ذلك تضخم المعاجم تضخماً أيضاً مزيفاً، وقد كان يقبل هذا لو تدهمنا الحضارة الغربية بكثير من المسميات والمعاني نحتاج لها إلى ألفاظ كثيرة، وهي تغمرنا كل يوم بمئات المصطلحات التي كثيراً ما نعجز عن مسايرتها، فكان المعقول أن نتخفف من كثير من الكلمات، لنفسح مكاناً لها في المعاجم. وقد فعلت قريش خيراً مما فعله جامعو اللغة العربية ومؤلفو معاجمها، فإنهم صفوا اللغات المختلفة ونقوا خيرها واستعملوه لغة لهم وبها نزل القرآن، فلم يجمعوا كل ما قيل عن القبائل بل نخلوه واقتصروا على ما حسن وقعه في أسماعهم وراق في أذواقهم. بقى سؤالان عامان، وهما: ألم يرد في القرآن الكريم مترادفات لنثبت أن قريشاً اختارت من اللغات أحسنها، والسؤال الثاني: أيهما خير، أنضحي بوحدة القافية في الشعر لتنقية اللغة من المترادفات، أم نبقى عليها للإبقاء على الشعر العربي في شكله القديم؟ ومن رأينا في الإجابة عن السؤال الأول أن ليس في القرآن مترادفات، وإنما كلمات باختلاف موضعها، فقد تكون كلمة أوقع في محلها، وتكون الأخرى أوقع في محلها الآخر، وقد أدرك الجرجاني في دلائل الإعجاز ذلك إذ قال إن كلمة أيضاً ليست من الكلمات التي تستحسن في الشعر ولكن وردت جميلة في بيت شعر وهو: