للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

غير أني بالجوى أعرفها ... وهي أيضاً بالجوى تعرفني

وأما عن السؤال الثاني فيمكننا أن نهدر المترادفات ونهدر معها ورود القصيدة على قافية واحدة، ويمكن في الملاحم وأمثالها أن نغير القافية في كل عدة أبيات كل اضطر البستاني أن يفعل في ترجمة الإلياذة، وبذلك كله نفسح مكاناً واسعاً في المعاجم للكلمات الحديثة والمصطلحات الحديثة. وإذا لم تتح لنا فرصة الإجادة في الشعر المرسل كما حدث في بعض اللغات، فليس أقل من أن نغير القافية بين جملة من الأبيات وأخرى، وليست وحدة القافية بالأمر المقدس الذي لا يصح أن نخرج عنه، ولكنه أمر اعتيادي وتقليدي، مرده كله إلى الأذن الموسيقية.

تعقيب

نرى أن النتيجة العملية التي يستخلصها الدكتور أحمد أمين بك من ذلك البحث الذي يعتبر حلقة في سلسلة بحوثه اللغوية التجديدية التي يلقيها في مؤثرات المجتمع - هي إعادة النظر في ذلك التراث المتضخم دون فائدة لنحذف منه المترادفات كي تحل محلها في المعاجم الكلمات والمصطلحات الحديثة، ويرى الأستاذ أن المثل الأعلى للغة أن يستعمل فيها لفظ واحد للمعنى الواحد وأن لا حاجة إلى المترادفات إلا في قافية الشعر التي يمكن أن نستغني عنها. وأنا أوافق الأستاذ الكبير على أن قافية الشعر ليست مقدسة وأنها لا تبرر ذلك التضخم الذي وصفه، بل إنني أذهب إلى أبعد من ذلك، فأعجب كيف ثرنا على القافية في النثر المسجوع وأقررنا في الشعر، والأمر فيهما واحد من حيث القيد الصناعي الذي يرجع إلى الأذن الموسيقية.

ولكن هل الغرض من الترادف الإعانة على القافية؟ لقد جاء في تعبير الدكتور بالمحاضرة قوله: (فإنهم صفوا اللغات ونقوا خيرها) ترى لماذا استعمل (نقوا) بدل (اختاروا)؟ إنه فعل ذلك لأن عبارة (اختاروا خيرها) يثقلها اجتماع الخاءين وهنا أسفه الترادف بالفعل (نقي) الذي لا يثقل في النطق والسمع مع (خيرها) وقال أيضاً: (واقتصروا على حسن وقعة في أسماعهم وراق في أذواقهم) ولو كرر (حسن) مكان (راق) لما حسن وقع الكلام في الأسماع وراق في الأذواق. . ولو أنه أخذ باقتراحه في صياغة المحاضرة فقرر الاكتفاء بالفعلين اختار وحسن دون مرادفاتهما لوقع في حرج من ثقل التعبير. ومثل هذا ما قاله الأستاذ

<<  <  ج:
ص:  >  >>