للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نفسه عند نفي الترادفات في القرآن، فقد رأى أن ما فيه كلمات تختلف باختلاف موضعها فقد تكون كلمة أوقع في محلها وتكون أخرى أوقع في محلها الآخر والمتأمل في هذا لا يراه خارجاً عن الترادف وإنما هو استعانة به على استعمال الشيء في موضعه.

وقد تعرض الأستاذ لرأى ابن فارس في الترادف إذ أنكر ابن فارس وجوده في اللغة ووجه الكلمات المتعددة التي تطلق على شيء واحد بأن واحداً منها هو الاسم والباقي صفات كأسماء الله الحسنى، ولم يعن الأستاذ بتنفيذ هذا الرأي مع أنه يتفق وفكرته من حيث رأى أن اللغة تثقلها مترادفات كثيرة يجب التخلص منها. وفي نظري أن تلك الكلمات وإن كان قد لوحظ في استعمالها الأول ما بينها من فروق إلا أن هذه الفروق قد ذهبت مع الزمن وصارت الكلمات ذات دلالة واحدة، فالشاعر - مثلاً - إنما يأتي بكلمة (مهند) لأن القصيدة دالية، ولو كانت ميمية لأني بلفظ (صمصام) من غير شك.

ولو فرضنا أن هناك لغة ينطبق عليها المثل الأعلى الذي ذكره الأستاذ، فإن الإنسان لا يتصور لهذه اللغة أدبا، فقد كفى بحاجة التعبير العلمي واليومي، ولكنها تكون بعيدة جداً عن الاعتبارات التي تلاحظ في حسن وقع الكلام، وفضل كلمة على أخرى في موضعها، وفي الظلال التي يضيفها لفظ دون آخر. . . إلى آخر هذا الذي يحتاج إلى بحث وحده.

على أنني أوافق أستاذنا الكبير الدكتور أحمد أمين بك إذا كانت خلاصة موضوعه: الضيق بالكثرة المتضخمة من المترادفات في لغتنا وأكثرها ألفاظ حوشيه وكلمات ميتة، والدعوة إلى تصفية اللغة منها مع الإبقاء على المترادفات الحية المأنوسة وذلك كما فعلت قريش، فإنهم لم يهدروا المترادفات كلها، وما أظن الأستاذ يقول بذلك، وإنا نراه يحتاط في التعبير إذ قال إنهم اختاروا من اللغات أحسنها، وهذا ما نريد.

شكر الاستعمار:

أعلنت نقابة الصحفيين - يوم الخميس الماضي - عن محاضرة تلقيها زوجه أحد الزملاء موضوعها (أسرار المهنة في رحلتي بشمال إفريقية) وامتلأت قاعة فاروق الأول للمحاضرات في نادي النقابة بجمهور من الجنسين وقدمت السيدة على أنها صحيفة، ولذلك سنتحدث عن (أسرار المهنة) وتحدث السيدة فقالت إنها ليست صحيفة ثم أبدت هذا القول بعدم تعرضها للمهنة وأسرارها. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>