تصبح أجنادنا وبعوثنا: (الصوائف، والشواتي، والربيعيات) دروبهم ومدائنهم وتمسيها
لما حللتَ الثغر أصبح عالياً ... للروم من ذاك الجوار - جوار
أبقت بني الأصفر الممراض كاسمهم ... صفر الوجوه، وجلت أوجه العرب
أنت طول الحياة للروم غاز ... فمتى الوعد أن يكون القفول
وكيف ترّجى الروم والروس هدمها ... وذا الطعن أساس لها ودعائم
وتطلع على ربوعنا والعواصم ... بنودُ الروم يقاتلون مستبسلين
كنا نتحارب، وكنا نتهادن، ونفادي أسرانا عندهم، ويفادون أساراهم عندنا والحرب سجال
وكان تنابز بالألقاب، فكنا نقول لذوي القرون: يا أعلاج يا علوج!
ويقولون لنا ساخرين: سراقينوس!.
فلما وهنوا ووهنا وهلكوا وهلكنا أقبل قبيل كنا هديناه وعلمناه وهذبناه ومدناه - كما مدنا سواه - وقربناه، وإن شئت فقل: أنشأناه خلقاً آخر، وما كان يعد من الناس، وامتلك دار الروم و (رب ساع لقاعد). وقد كافأنا لئيم شر مكافأة:
جزتنا بنو (مُفل) بحسن فعالنا ... جزاء سنمار، وما كان ذا ذنب!
خرب لنا حضارة في مصر، ونهب الناهب كنوزنا، وتمالأ هو والإفرنجي علينا في هذا الوقت، وابتّز المختلس الظالم حقاً هو لنا
فإن الماء ماء أبي وجدي ... وبئري ذو حفرت وذو طويت!
وضام - غير راحم ولا كريم - في الربع المحروب كل عربي نصراني أو حنيف! وشرّد العرب البائسين في البلاد تشريداً! وحقر لو غادته لغة (الكتاب) المبين - الله أكبر، الله أكبر! - وهي التي كوَّنت لسانه؛ فنطق الأعجم مثل الناطقين
ألا إن العربيين لمستأهلون - بما شقوا ليسعد غيرهم - أن يقول لهم الروم: (ساراقينوس) مستهزئين وشامتين
يا محمد! يا محمد!
لقد ضامنا في هذا الزمان الإفرنجي والتركي حتى ذاك الذي ضربت عليه الذلة - حيهلاً بك يا منيَّة حيهلْ - وكان ضعفنا ولؤمنا وتعادينا وصَدَعاتنا وغضبك علينا، غضبك على الخلف الخالف من أجل ذلك - أقوى معين للضائمين!