للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ودعته ليلة سفري إلى السودان لتولي قضاء مديرية دنقلة في نوفمبر سنة ١٩٠٤، فسألني: هل معك رفقاء السفر؟ فقلت: نعم، بعض كتب آنس إليها وأستديم بها اتصالي بالعلم؛ فقال: أو معك كتاب الأحياء؟ فقلت: نعم؛ قال: الحمد لله، هذا كتاب لا يجوز لمسلم أن يسافر سفراً طويلاً دون أن يكون رفيقه؛ ثم قال لي: أنصحك أن تكون للناس مرشداً أكثر من أن تكون قاضياً، وإذا استطعت أن تحسم النزاع بين الناس بصلح فلا تعدل عنه إلى الحكم، فإن الأحكام سلاح يقطع العلاقات بين الأسر، والصلح دواء تلتئم به النفوس وتداوي به الجراح.

وداعبني مرة إثر خروجي من امتحان شهادة العالمية هل تعرف تعريف العلم؟ فقلت له نعم وكنت أحفظ إذ ذاك أكثر تعاريف العلم فسردت بعضها. فقال اسمع مني تعريفاً مفيداً العلم هو ما ينفعك وينفع الناس. ثم سأل: هل انتفع الناس بعلمك؟ قلت له لا. قال: إذاً أنت لست بعالم. فانفع الناس بعلمك لتكون عالماً

ولم يكن يفوته أن يذكر بالقرآن وأن يعتبر بالقرآن كلما ذكرت الحوادث وكلما جدت العبر، ولم يكن يفوته أن يشهر بالظالمين، وأن يثني على المخلصين العادلين. فقد كان يحب الحق أكثر مما يحب نفسه. عاش للعلم وعاش للدين وعاش للإسلام والمسلمين

رحمة الله ورضوانه عليه وعلى إخوانه الأئمة المهتدين

محمد مصطفى المراغي

<<  <  ج:
ص:  >  >>