القسم النظري من الفلسفة الطبيعية، وهي تنظر في الصور (بالمعنى المدرسي) والعلل الغائية؛ بينا القسم العملي من الفلسفة الطبيعية - وهو (الفيزياء) بالمعنى اللائق - ينظر في الجواهر والعلل الفاعلية. على أن بيكن لا يعطي (الميتافيزيقا) كبير قيمة؛ ويبدو كأنه يتهكم حين يسمى العلل الغائية (عذارى عواقر)، ثم يخص بها هذه الصناعة. أما اللاهوت الطبيعي فهدفه الوحيد (تفنيد الإلحاد): فإن العقائد موضوعات للإيمان دون المعرفة.
إن هذا الأسلوب، أسلوب التمييز بين العلم واللاهوت، وبين الفلسفة والدين، وبين العقل والوحي؛ يضاد أساليب المدرسة على خط مستقيم. لقد وحدت المدرسية الواقعية القديمة بين الفلسفة واللاهوت. أما بيكن فإنه كالإسميين، يطلب فصلهما إلى أقصى حد ممكن. وهو يبرر كونه طبيعياً في العلم وغيبياً في اللاهوت على أساس هذا التميز المطلق. وقد حذا حذوه في تلك عدد من مفكري الإنجليز.
بيد أن المسافة ليست كبيرة بين إقصاء المغيب عن ميدان العلم، وبين إنكاره وإبطاله: فإن توماس هوبز - من أصدقاء بيكن - يقول بضرب من المادية لا تكاد (محافظته) السياسية تفلح في تغطيته وإخفائه.