وقالت: (مسكين جوردون. . . إن هذا الخبر سيقتله لأنه لا يستطيع أن يعيش بدونها.
فبدت على وجه رودا ابتسامة هزيلة عند خروج الخادمة من الغرفة، ثم ارتمت على المعقد الذي كانت جالسة عليه قرب النافذة وأسندت رأسها إلى ذراعها وقالت بصوت خافت ولهجة بطيئة: (وددت لو أنني كنت مثل نانسي فأستطيع أن أصيح مظهرة العطف نحو جوردون. . . كم كان بودي أن أثير ضجة لأظهر أحزاني).
فقلب الدكتور قطعة من الورق كانت أمامه على المنضدة وقال: (ولماذا تودين ذلك؟).
فقال: (لأنني مثلك لا أستطيع أن أظهر عواطفي)
بدت الرقة على عيني الدكتور، وإن كان صوته لا يزال دالاً على الخشونة، وقال بلهجة حاسمة: (يجب ألا يكون تأثرك كثيراً بسبب موت جيسي، وإنني لهذا السبب منعتك عن الذهاب إليها، وإنني أعرف مبلغ إعزازك إياها كصديقة ولكنك لم تفهميها فإن هناك أشياء لا يفهمها كل إنسان.
فقالت: (إن جوردون يفهمها)
فقال الدكتور: (نعم إن جوردون يفهم، ولكنني أكرر أن موت جيسي يجب ألا يؤثر في حياتك).
فقالت رودا: (إنك تستطيع أن تدرك يا أبي أن هذا القول لا يؤدي إلى نتجية، فإنني في الواقع لا أحزن على الميتة فقد استراحت، بل على الحي، فتصور مقدار انزعاجه).
قال الدكتور بلهجة استغراب: (نعم إن انزعاجه شديد بلا شك ولكن. . .). ثم اشتغل بتقليب الأوراق التي على المنضدة كأنه بذلك يريد الانتهاء من هذا الموضوع.
وبعد فترة قليلة عادت رودا إلى الكلام بلهجة عتاب فقالت: في بعض الأحيان يا أبي أتصور أنك قاس. ولعل ذلك لأنك رأيت كثيراً من مظاهر البؤس حتى ألفتها.
فتهجم وجه الأب أمام هذا الاتهام وقال: أنت مخطئة يا رودا فإن رؤية البؤس لا تجعل القلب قاسياً ولكنها لا تزيد من حزنه، قالت رودا: إذن فلا بد أن تكون حزيناً على جوردون فتصور كيف كان حبهما. لقد كان كاملاً فوق مجال النقد. إنه لم يتركها ولم يكن أحد أوفى لزوجته منه.
فقال الدكتور: نعم لقد كان معها دائماً، ولكن عهد تمريضه لها قد انتهى بعد استمرار سبعة