قذفت بنا الأيام في غمراتها ... ورمت بنا في التيه من فلواتها
فردين لم يتلاقيا في موعد
لا أنت أكرم من أحب ولا أنا ... سلواك دون الناس في هذي الدنى
تفدين حبي بالحياة وأفتدي
ما كنت أحسب أن أبيت عشية ... أبَدَ الزمان ولا أراك نجية
تحت الظلام ولا أضيق بمرقدي
يأتي الأصيل ولا نراقب وعده ... وبلى الظلام ولا نحاذر سهده
وإذا انقضى يوم فليس: إلى غد
وإذا رأيتك في الطريق فعابر ... يجتاز عابرة، وطرف ناظر
يرنو لناظرة تروح وتغتدي!
عجباً لغابرنا وحاضر أمرنا! ... أكذا تمر بنا معالم عمرنا
وتزول حتى لا دليل لمهتد؟
هذي الشفاه فهل على بسماتها ... أثر يشف اليوم عن قبلاتها
في ذلك الماضي الذي لم يبعد؟
هذي العيون فأين من نظراتها ... لمسات رحمتها ووحي هنائها
لم يبق من خبر ولا من مشهد!
ذكرى تردد في الحياة سقيمة ... وتعيش في كنف الهوان يتيمة
وتمر ذاهبة كأن لم توجد
ترى يستطيع الأستاذ مندور أن يحس بهذه القطعة وما يغشي جوها كله من أسى شفيف وهمس عميق؟ ثم تراه حين نقلب الصفحة الأخرى على صورة هامسة ذات لون آخر، يستطيع كذلك أن يحس بالصفحتين المتقابلتين؟
إذن فليسمع هذه المقطوعة الأخرى لنفس الشاعر الكبير! تحت عنوان (الكون جميل)
صفحة الجو على الزر ... قاء كالخد الصقيل
لمعة الشمس كعين ... لمعت نحو خليل
رجفة الزهر كجسم ... هزه الشوق الدخيل