حيث يممت مروج ... وعلى البعد نخيل
قل ولا تحفل بشيء ... إنما الكون جميل
ونلمح هنا (ألفة) عميقة بين الشاعر وبين الطبيعة، هي ألفة الحبيب العاشق المتفتح الحس والنفس، المنهوم القلب والجوارح؛ ونكاد نلمحه متسع الحدق مفغور الفم، متوفز الاحساس، وهو ينشق بل يلتهم ما في الطبيعة الحبيبة من روح وجمال
قل ولا تحفل بشيء ... إنما الكون جميل
قلها وأنت تستنشق ملء رئتيك ما فيه من روح وحلاوة، ثم تستريح بنفس طويل!. قلها فإنها لحظة تجلٍ لروح ذلك الكون الجميل
وقصة ثالثة ذات لون ثالث، لا هو يا لأسى الشفيف، ولا هو بالحس المنهوم؛ ولكنها اللهفة الآسفة، والحيرة الخاطفة في (الحلم الضائع) لشاعر من شعراء الشباب المصريين:
أين حلمي وغرامي ونشيدي؟ ... أين آماليَ في الأفق المديد؟
أين دنياي التي جسَّمتها ... في خيالي، فتوارت من بعيد!
ومضة كالبرق مرت في حياتي ... أيقظت قلبي وحثَّت أمنياتي
وكما يخبو شعاع بارق ... لم أجد حوليَ إلا الظلمات
أين عش كان في نفسي دفيئاً ... أين أفق كان في قلبي وضيئا
وحياة عشتها في خاطري ... قبل أن تولد، نشوان هنيئا؟
أهو حلم أم ترى كان عيانا ... عشنا النائم في دفء هوانا
وسياحات لنا في عالم ... نحن أبدعناه في الحلم فكانا؟
أين يا أحلام واديك الجميل؟ ... أين ظل عند واديك ظليل؟
أين؟ فالجدب يغشى عالمي ... وخريف العمر والصمت الثقيل
أين أين؟ كل ما قد كان فات ... لم تعد في النفس إلا الذكريات
وحنين في الحنايا موغل ... وظلام غارق في الظلمات
ولدي من هذه الصور عشرات، ولكن الفراغ محدود، فبحسبي هذه الصور الثلاث من الشعر المصري المتخلف قروناً، لأنه ليس من عمل شعراء المهجر لسوء الحظ!
وبعد. فليس هذا اللون من الشعر - على تعدد صوره - باللون الوحيد الذي يعجب الناقد