فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن خير نساء ركبن الإبل نساء قريش: أحناهن على ولدٍ في صغره، وأرعاهن على بعل في ذات يده)
لم تكن تلك الحرية فيمن تختاره المرأة لنفسها قاصرة على كرائم أحرارهن، بل بسطها الإسلام حتى على من كانت أمَة وخلصت من الرق.
ملك عقبة بن أبي لهب جارية حبشية اسمها بريرة، وزوجها عبداً من العبيد، فكانت تضيق به وتتبرم منه. ولكنها مملوكة، وأمرها ليس بيدها. فلما علمت عائشة أم المؤمنين بما تعانيه (بريرة) في هذا الزواج اشترتها وأعتقتها. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ملكتِ نفسكِ فاختاري) فاختارت أن تنجوَ بنفسها من هذا الزواج الذي لا تطيب به. فكان زوجها بعد هذا الفراق يمشي خلفها ويبكي ويسترضيها، فلا ترضى عنه. وكان يرثي له كل من يراه خلفها باكياً. رآه صلى الله عليه وسلم مرة وتلك حاله فقال لأصحابه:(ألا تعجبون من شدة حبه لها وبغضها له!) ثم قال لها: (اتقي الله فإنه زوجك وأبو ولدك) فقالت: (أتأمرني يا رسول الله؟) فقال: (لا. إنما أنا شافع) فقالت: (إذن، فلا حاجة لي إليه. . .) هكذا تقررت حرية المرأة في أمر نفسها، حرية تكفل للبيت النعيم، وتوفر لها الهناءة. وبهذا جاء الإسلام موقراً لرأيها، محافظاً على كيانها، مظهراً لشخصيتها. فإذا ما أجارت المسلمة لاجئاً، أو أمَّنت أسيراً، فقد أجار المسلمون - جميعاً - مَن أجارت، وفكوا من أطلقت، وحموا من استعاذ بها. . .
ورد في الصحيح البخاري أنه لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة يوم الفتح احتمى رجلان بأم هانئ بنت أبي طالب وهي مسلمة، فدخل عليهما أخوها علي وهَّم بقتلها، فأغلقت دونه الباب، وجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها:(مرحباً وأهلاً يا أم هاني، ما جاء بك؟) فأخبرته خبر الرجلين وخبر أخيها علي، فقال عليه السلام:(قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ وأمَّنا من أمنت)
فقد أجاز المشرع لعقيلة مسلمة كريمة أن تفك عانياً أسره المسلمون في غزوتهم، وقد كانت بين الأسير وبين الكريمة أسباب وثيقة، فما هو إلا أن عاذ بها واستجار في حماها، فأجارته
ولقد كانت كبرى بنات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهي زينب قد تزوجت من ابن خالتها أبي العاص بن الربيع، وكان أبو العاص يخص زوجته زينب بإكباره وتكرمته، فلما