وإن أشعر بيت أنت قائله ... بيت يقالُ إذا أنشدتَهُ صَدَقا
وإنما الشعر لُبُّ المرء يعرضه=على البرِّية إن كيْساً وان حُمقَا
وقال معاوية بن أبي سفيان لعبد الرحمن بن الحكم: إنك قد لهجت بالشعر، فإياك والتشبيب بالنساء فتعرّ شريفة، والهجاء فتهجن كريماً، أو تثير لئيما. وإياك والمدح فهو كسب الأنذال، ولكن افخر بمآثر قومك، وقل من الأمثال ما تزين به نفسك، وتؤدب به غيرك، وإن لم تجد من المدح بداً فكن كالملك المرادي حين مدح فجمع في المدح بين نفسه وبين الممدوح فقال:
أحللتُ رَحْلي في بني ثُعَل ... إن الكريم للكريم مَحَلّْ (؟)
وقال النابغة الشيباني:
وإني حاكمٌ في الشعرُ حكماً ... إذا ذُكرَ القوافي والنَّشِيدُ
فخير الشعر أكرمه رجالاً ... وَشَرَّ الشعر ما نطق العبيد
وقال أيضاً:
من الشعراء أكفاءٌ فحولٌ ... وفَرَّ أُثون أن نطقوا أساءُوا
فهل شعر أن شِعْرُ غِناً وحكمٌ ... وشعرٌ لا نصيح به سواءُ
وقال أبو نؤاس:
الشعر ديوانُ العربْ ... أبداً وعنوانُ الأدبْ
لم أعْدُ فيه مفاخري ... ومديح آبائي النُّجُبْ
ومقطَّعاتٍ رُبَّما ... حلَّيت منهنَّ الكتب
لا في المديح ولا الهجا ... ء ولا المجونِ ولا اللعبْ
ودخل العجاج على عبد الملك بن مروان فقال له: بلغني أنك لا تحسن الهجاء، فقال: يا أمير المؤمنين من قدر على تشييد الأبنية، أمكنه خراب الأخبية، قال: وما يمنعك من ذلك؟ قال إن لنا عزاً يمنعنا من أن نُظلم، وحلما يمنعنا من أن نظلم. قال لكلماتك أحسن من شعرك. فما العز الذي يمنعك من أن تظلم؟ قال الأدب المستطرف، والطبع التالد. قال لقد