وأما الأستاذ كليمان هيار فيرى أن المعلقات جمع معلقة بمعنى القلادة بدليل أنهم يسمونها أيضاً السموط بمعنى العقود أو القلائد وهو أيضاً توجيه خاطئ لأن كلمة معلقة تطلق على التميمة وعلى المرأة المعلقة وهي التي ليست بذات زوج ولا مطلقة وعلى غير ذلك من أمور كثيرة وهي أشهر في المرأة المعلقة من التميمة والقلادة وغيرهما من كل ما يعلق ولو كانوا يريدون هذا المعنى في تسمية هذه القصائد بالمعلقات لسموها باسم القلائد كما سموها باسم السموط حتى يكون هذا الاسم نصاً في ذلك المعنى ولا يحتمل معنى التميمة أو غيرها مما يصح أن يطلق عليه اسم المعلقات. وقد جاء في الأساس أنه يقال أعلقت المصحف جعلت له علاقة يعلق بها واشتقاق اسم المعلقات لهذه القصائد من نحو هذا أجدر من اشتقاقها من المعلقة بمعنى القلادة. وقد ذكر بعض شيوخ الأدب ما يقرب من هذا في سبب تسمية تلك القصائد باسم المعلقات فقال إن العرب لم تكن تكتب في دفاف ولم تكتب قبل القرآن كتاباً مدففاً، وإنما كانوا يكتبون في رقاع مستطيلة من الحرير أو الجلد أو الكاغد يوصل بعضها ببعض ثم تطوى على عود أو خشبة وتعلق في جدار الرواق أو الخيمة بعيدة عن الأرض حرصاً عليها من قرض فأرة أو عث أو نحو ذلك من دواب الأرض، وذلك تأويل قوله تعالى (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب) إذ يظهر أن السجل ومعناه الصحيفة أو الكاتب الذي كان يعلق الكتب أو يطويها لعله كان يستعمل مثل هذا العود في طي الكتاب وتعليقه.
فهذا هو رأيي في المعلقات مع رأيي الأستاذين نولدكه وكليمان هيار وهذه ميزته عليهما ولا أقول الفرق بينهما، لأنه من الوضوح بحيث كان يغني ذلك الناقد عن نقده، ويغنيني عن هذا الرد عليه إلى ما هو أنفع عندي منه. ولا أثقل على نفسي من أن يقول ناقد رأيي إنني أغفلت مناقشة ونقض رأي القائلين بأن هذه القصائد سميت بالمعلقات لأنها كانت تكتب بالذهب وتعلق بأستار الكعبة فيلجئني إلى أن أعيد له ما ذكرته في نقض هذا الرأي عن أبي جعفر النحاس من أنه لا يعرفه أحد من الرواة، فكيف أكون مع هذا قد أغفلت مناقشته ونقضه.
ولا أثقل على نفسي من أن يذكر ناقد رأيي أن أبا جعفر النحاس أطلق الملك الذي كان يأمر بتعليق هذه القصائد في خزانته إطلاقا وأني أنا الذي حملته على النعمان بن المنذر ليتأتى