ويؤثر فيها، ويمثلها في جدها وفرحها وحزنها وسلامتها وحربها وألمها وأملها أتم تمثيل
ومن آثار هذا الطابع البدوي في الشعر الجاهلي أيضاً بدء اغلب القصائد الجاهلية بذكر الأطلال، ووصف الديار. وهذا مذهب أغلبية الجاهليين، لا يشذ إلا القليل، كعمرو بن كلثوم في معلقته التي بدأها بذكر الراح، وكتأبط شر في قصيدته اللامية المشهورة:
ن بالشعب الذي دون سلع ... لقتيلا دمه ما يطل
والتي يسميها بعض المستشرقين نشيد الانتقام ويدافع ابن قتيبة في أوائل كتابه (الشعر والشعراء عن نهج الجاهليين دفاعا حارا، فقد صور نهج العرب في وحدة القصيدة وما كانوا يبدءونها به من ذكر الديار والآثار ووصلهم ذلك بالنسيب والشكوى وألم الوجد وفرط الصبابة ثم ذكر الرحلة إلى الممدوح تخلا إلى مدحه واستجلابا لرضائه وسني ألطافه، وقال: والشاعر المجيد من سلك هذه الاساليب، وعدل بين هذه الأقسام وقد سار الكثير من المخضرمين والإسلاميين على هذا النهج أيضاً فاكثروا من بدء قصائدهم بوصف الأطلال والديار كما اكثر الكثير منهم من بدأها بالغزل، ولم يشذ عن ذلك إلا أبو نواس الذي دعا إلى بدء القصيدة بذكر الراح، قال:
وصف الطلول بلاغة القدم ... فاجعل صفاتك لابنة الكرم
وتبعه ابن المعتز فقال:
أف من وصف منزل ... بعكاظ فحومل
غير الريح وسمه ... بجنوب وشمال
وكان أبو نواس شعوبيا في مذهبه، أليس هو الذي يقول:
تبكي على الماضيين من أسد ... ثكلت أمك قل لي من بنو أسد
ومن تميم ومن قيس ومن يمن ... ليس الأعاريب عند الله من أحد
ولكن ابن المعتز كان ناقدا يبحث عن الصلة بين الأدب والحياة ويحاول أن يلائم بينهما وينادي بتحضر الشعر وترك العداوة في وتمثيله لحياة الشاعر وآرائه في الحياة وقد ثار أبن رشيق على منهج الجاهلين في القصيد ورأى مع من رأوا لا معنى لذكر الحضري الديار وانه ليس بالمحدث من الحاجة إلى وصف الإبل والقفار لرغبة الناس في عصره عن تلك الصفات وعلمهم بان الشاعر إنما يتكلفها، وان الأولى وصف الخمر والقيان وقد